ما هو بيع الغرر؟

الغرر في اللغة هو الخطر؛ والتغرير هو التعريض للخطر، وهو تعريض المرء نفسه أو ماله للهلاك من غير أن يعرف، قال الجرجاني في تعريفه: "الغرر ما يكون مجهول العاقبة لا يُدرى أيكون أم لا"، وأصل الغرر هو ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه، ومنه سميت الدنيا متاع الغرور، وفي الاصطلاح الفقهي: هو البيع الذي يتضمن خطراً يلحق أحد المتعاقديْن؛ فيؤدّي إلى ضياع ماله،[١] كبيع الثمار قبل بدء صلاحها، وبيع الطير في الهواء، وبيع السمك في الماء، وبيع اللبن في الضرع.


فالغرر يتناول الغش، والخداع، والجهالة بذات المعقود عليه؛ سواء كان جهلاً بذاته جنساً، أو نوعاً، أو صفةً، أو جهلاً في أجله بحيث لا يعرف له زمنٌ معينٌ ينتهي عنده، أو يتناول عدم القدرة على تسليمه؛ لعجزه عن تسليمه، أو عدمه.[٢][٣]


ما حكم بيع الغرر؟

إن البيوع التي تتضمن الغرر هي بيوع باطلة محرمة؛ حيث اتفق الفقهاء الأربعة على عدم صحتها؛ لثبوت نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، قال أبو هريرة- رضي الله عنه-: (نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ)،[٤] والغرر أصل كبير وقاعدة كلية في عقود المعاوضات في البيع والإجارة ونحوها، فكل جهالةٍ بينةٍ وخطرٍ ظاهرٍ في جميع عقود المعاوضات والشركات، فإنه داخل في هذا الحديث، فالغرر فيه خلل في الرضا، ويؤدي إلى الخصومة بين الطرفين، وأكل المال بالباطل، وهذا مظنة العداوة والبغضاء بينهما، ولذلك نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- سدًا للذريعة.[٥][٦]


أقسام الغرر في البيع

يتفاوت الغرر في البيع تفاوتاَ كثيراَ، حيث ينقسم الغرر في البيع إلى قسمين، وهما:[١]

  • الغرر الكثير: وهو الغرر الذي يؤثر في صحة العقود، وجاء النهي عنه.
  • الغرر اليسير: وهو الغرر الذي لا يؤثر في صحة العقد، حيث تدعو إليه الضرورة، فيُغتفر بجانب المصلحة المترتبة على إمضاء البيع، حيث تقتضي تقديم مصلحة جواز البيع الذي يحتاج إليه على مفسدة الغرر اليسير، فلا يمكن الاحتراز منه.


شروط تأثير الغرر على العقود وإفسادها

يشترط لتأثير الغرر على العقد وإفسادها وعدم صحته، الشروط التالية:[٧][٨]

  • أن يكون الغرر كثيراً، كما تم بيانه، أما الغرر اليسير فلا يؤثر؛ لعدم خلو العقود منه.
  • أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة؛ فإن كان الغرر في توابعه فلا يؤثر، كبيع الحمل في البطن وحده دون أمه، فهذا لا يجوز، أما لو بيع مع أمه جاز.
  • أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية؛ أي المبادلة التجارية؛ كعقد البيع والإجارة، أما عقود التبرعات فلا يؤثر فيها الغرر، وهذا شرط عند المالكية، حيث يرى جمهور الفقهاء أن الغرر يؤثر في عقود التبرعات أيضاً، باستثناء الوصية.


المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 475. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 3409-3411. بتصرّف.
  3. دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 509. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1513، صحيح.
  5. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 26. بتصرّف.
  6. "بيع الغرر: تعريفه وحكمه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24/8/2022. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 71. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 151-154. بتصرّف.