استخلف الله سبحانه وتعالى الإنسان في الأرض من أجل عمارتها وعبادته عز وجل، وقد جعل الله تعالى الإنسان حرًّا ومسؤولًا عن تصرفاته، إذ يتصرف الإنسان بما يحقق مصلحة المجتمع، ومن الطبيعي أن تعرض للإنسان بعض الأعمال التي لا يستطيع إنجازها بنفسه، فيلجأ عندها إلى تفويض وتوكيل من ينجز تلك الأعمال عنه، إذ إن طاقات الإنسان وقدراته تختلف من شخص إلى آخر، وتوجد الكثير من الآيات في القرآن الكريم التي تبين أن كل إنسان مختلف عن الآخر، فكل إنسان طاقاته مختلفة عن غيره، وعند الحديث عن الوكالة نجد أن واحدًا من أسماء الله الحسنى هو اسم الله الوكيل، وقد ذُكِر هذا الاسم في قوله تعالى: "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖوَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ". [١]


تعريف الوكالة

لغةً

تعرف الوكالة في اللغة بأنها إسناد العمل إلى شخص آخر لإنجازه. [٢][٣]


اصطلاحًا

تعرف الوكالة في الاصطلاح بأنها تفويض شخص وهو على قيد الحياة لشخص آخر من أجل إتمام عمل ما في حال حاجته لذلك، ويجب أن يكون الشخص المفوض من الأشخاص الذين يحق لهم العمل بالشيء الذي أُسند إليه؛ وذلك ليتمكن من إتمامه بالشكل المطلوب. [٤]

مشروعية الوكالة

إن الوكالة جائزة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبالإجماع، فقد قال الله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا" [٥]، وتعني هذه الآية أنه في حال وجود نزاع بين الزوجين يمكن تعيين حكمين وكيلين عنهما من أجل النظر في أمريهما، وهذه الآية تعد دليلًا على مشروعية الوكالة، وقد أجمع العلماء على جواز الوكالة للحاجة إليها، فقدرات الناس تختلف فيما بينهم؛ فالبعض ماهر في الحوار، والبعض الآخر ماهر في إلزام الناس بالقوانين وهكذا، وربما تكون قدرات شخص غير كافية لأداء أمر ما يحتاج إليه فيوكل به غيره لإتمامه. [٦]


أركان الوكالة وشروطها

1. الصيغة

تتمثل الصيغة بالإيجاب والقبول، ولا بد أن يكون اللفظ واضحًا وصريحًا، كأن يقول الموكل للوكيل وكلتك ببيع سيارتي، أما بالنسبة لقبول الوكيل فلا يشترط التلفظ؛ إذ يكفي ما يدل على القبول، ولا يجوز أن تكون الوكالة على شرط مثل أن يقول أحد إذا بيعت سيارتي؛ فقد وكلتك ببيع منزلي. [٧]


2. الموكل

وهو الشخص الذي يستعين بغيره، ويشترط في الموكل أن يكون ممن يملك التصرف، فلا تجوز الوكالة من مجنون، أو صبي غير مميز، ويشترط أيضًا في الموكل أن يكون بالغًا عاقلًا راشدًا، وأن يكون أهلًا للبيع والشراء، ويجب أن يكون واعيًا ويدرك بأن البيع منح والشراء جلب. [٨]


3. الوكيل

هو الذي سيتصرف نيابةً عن الموكل بإذن منه، ويشترط أن يكون بالغًا عاقلًا راشدًا، ويجب أن يعيّن الموكّل الوكيل على وجه التحديد؛ فلا يجوز التخيير بأن يقول لشخصين أو ثلاثة وكلت أحدكم. [٧]


4. الموكل فيه

وهو التصرف الذي سيتكفل الوكيل بإتمامه نيابة عن الموكل وبإذن منه، كأن يبيع منزله أو سيارته، ويشترط في الموكل فيه أن يكون مملوكًا للموكل، وأن يكون الموكل فيه معلومًا؛ فلا يجوز أن يقول له وكلتك في بيع بعض عقاراتي، كما يجب أن يكون الموكل فيه من الأمور التي تصح فيها النيابة فلا يصح التوكيل بالصيام عن الموكل، ويجب أن يكون الموكل فيه من المباحات. [٧]


المراجع

  1. سورة الزمر، آية:62
  2. ابن القيم، مدارج السالكين، صفحة 125-2.
  3. "تعريف ومعنى وكالة في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
  4. الاستاذ الدكتور السيد عبد الحليم محمد حسين، الوكالة في الشريعة الإسلامية، صفحة 28. بتصرّف.
  5. سورة النساء، آية:35
  6. حسين بن محمد شواط ، عبد الحق حميش (30/4/2014)، "الوكالة وأحكامها في الفقه الإسلامي"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/7/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت الحسين شواط، عبد الحق حميش (2016)، فقه العقود المالية، اربد- الاردن:دار الكتاب الحديث، صفحة 180-181. بتصرّف.
  8. د.عبد الحسيب سند عطية (17/1/2013)، "من شروط الوكالة "، الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/7/2021. بتصرّف.