يعرّف الوقف في اللغة بأنه الحبس والمنع، وهو في الاصطلاح حبس المال ومنع المنفعة من الخروج إلا لجهة محددة، ودرج في التعريف الاصطلاحي للوقف أن يُقال هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة؛ أي حبس المال من أصل يمتلكه الفرد كالبيت أو الدكان أو المزرعة، وجعل ما ينتجه هذا الأصل سبيلًا ينتفع به الناس كالسكن أو الغلة أو الثمار، والوقف مستحب في الإسلام، كيف لا وهو صورة من صور التكافل المجتمعي التي تقي المحتاج السؤال، كما أنه يعد ثوابًا وأجرًا مستمرًّا للفرد حتى بعد وفاته، ففي الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" [١]، والوقف يعد صدقة جارية، لذلك فهو باب للأجر يبقى مفتوحًا حتى بعد الوفاة. [٢]


شروط الوقف وأحكامه

تشترط في الوقف عدة شروط كي يكون جائزًا ومقبولًا، وفيما يأتي توضيح لتلك الشروط: [٣][٤]


1. شروط متعلقة بالواقف

وهو الشخص الذي قرر أن يقف شيئًا مما يملك لينفع الناس به وينتفع هو بالأجر، ويشترط به أن يكون من أهل التبرع؛ أي أن يكون بالغًا وحرًّا ورشيدًا ومختارًا، إذ لا يصح الوقف من غير البالغ كالطفل، ولا من غير الحر كالعبد، ولا من غير الرشيد العاقل كالمجنون، ولا من غير المختار كالمُكره والمُجبر.


2. شروط متعلقة بالموقوف

توجد مجموعة من الشروط التي يجب توفرها في الشيء الموقوف ليكون الوقف صحيحًا:

  • تحديد الموقوف على وجه الدقة؛ فلا يجوز القول: وقفت أحد بساتيني أو إحدى دكاكيني، بل يجب تحديد هذا البستان وتلك الدكان.
  • استمرار الانتفاع بالوقف، كأن يكون الوقف مسجدًّا أو مدرسة أو بستانًا؛ إذ إن وقفها يعني منفعة مستمرة غير منقطعة ولا تنتهي، ولا يجوز وقف ما تنتهي المنفعة منه كالطعام ويسمى عندها صدقة.
  • أن يكون الموقوف من وجوه البر التي ينتفع بها، وهذا يشمل الخير كله؛ من المساجد والمدارس والبيوت والبساتين، ويجوز أن ينتفع غير المسلمين بهذا الموقوف، ولكن لا يجوز أن يخدم هذا الموقوف شريعة كفر كأن يكون من الكتب المضللة، كما لا يجوز وقف دكان لبيع الخمور مثلًا؛ لأن ذلك يتنافى مع أصل الوقف القائم على تعميم الخير ونشره.
  • أن يكون الوقف مؤبدًا غير مؤقت بفترة محددة ولا معلق بحدوث شيء، ويجوز تعليقه بالموت كأن يقول الشخص مثلًا: "إذا مت فبيتي وقف للفقراء"، واستدللنا على ذلك مما رواه يحيى بن سعيد عن عمر بن الخطاب في وصية وقفه أنه علق وقفه لما يملك بموته، وظهر ذلك في قوله: "إنْ حَدَثَ لي حدَثٌ" ويقصد الموت.


3. شروط متعلقة بالموقوف عليه

وهي الجهة المنتفعة من الوقف، ويشترط بها أن تكون محصورة في فئة معينة؛ كالمصلين في هذا المكان أو الفقراء، وإن لم تكن لجهة عامة كتلك يجب تحديدها في شخص معين كفلان، ولا يجوز الوقف على مجهول، أي عدم تحديد الجهة المنتفعة، ويجب أن تكون الجهة الموقوف عليها أو الشخص الموقوف عليه قابلًا للتمليك؛ أي يمكنه أن يمتلك الوقف وينتفع به، فلا يجوز أن يكون الموقوف عليه من الأموات أو الحيوانات.


4. شروط متعلقة بصيغة الوقف

والصيغة هي القول أو الفعل الذي يوجب به الواقف الوقف على نفسه، والصيغة إما أن تكون لفظًا صريحًا مثل وقفت وحبست، وإما أن تكون من ألفاظ الكناية مثل تصدقت وحرّمت؛ لأن فيها معنى الوقف، ومن الجدير بالذكر أن صيغة الوقف تصبح ملزمة في الحالات الآتية: [٢]

  • إذا اقترنت بالنية.
  • إذا قُيّدت بلفظ صريح مثل: تصدقت بداري موقوفة.
  • إذا قُيّدت بحكم الوقف مثل: تصدقت بأرضي صدقة لا تباع ولا تورّث.

وينوب عن الصيغة الفعل الدال على الوقف؛ كمن حوّل بيته إلى مسجد، وأذن للناس بالصلاة فيه.


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1631.
  2. ^ أ ب "أحكام الوقف"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.
  3. الفقه الإسلامي/شروط الوقف:/i582&d920063&c&p1 "شروط الوقف"، نداء الإيمان. بتصرّف.
  4. "شروط الوقف المعتبرة لصحته"، إسلام ويب. بتصرّف.