يعد الوقف من أهم مبتكرات الإسلام والحضارة الإسلامية، فقد منح الوقف رؤية إسلامية للإنسان في حياته من الجانب الاقتصادي، وهذا لأن الوقف يعد صدقة جارية عن الشخص حتى بعد وفاته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" [١]، ولقد تنوعت أشكال الوقف، فقد يكون الوقف في الأشياء المنقولة كالسيارة، وقد يكون في الأشياء غير المنقولة كالأرض.


من فضل الله تعالى وحكمته أنه عمم الانتفاع بأمور معينة، ومنع الاختصاص الفردي والخاص بها؛ لأن الاختصاص يتيح الانتفاع الشخصي ويمنع انتفاع الآخرين، وفي مقالنا هذا سنطرح أهم ما يتعلق بأراضي الوقف:


تعريف الوقف

1. الوقف لغةً

أصل واحد يدل على التمكّث في الشيء أي الثبات وعدم الحركة لوقت طويل. [٢]


2. الوقف اصطلاحًا

حبس العين وتسبيل المنفعة، وهذا يعني أن منفعة الشيء الموقوف تنفق في أوجه الخير، وأن مالك الشيء الموقوف ليس له الحق في التصرف بما وقفه، كأن يقف مالك أرض أرضه للفقراء فلا يجوز له أن يتصرف بهذه الأرض مثل بيعها أو منحها لأحد أو توريثها. [٣]


أركان الوقف وشروط كل ركن

1. صيغة الوقف

لا بد أن تكون صيغة الوقف جازمة وواضحة وبلفط يدل على التأبيد، فلا يجوز أن يقول الواقف لقد وقفت هذه الأرض لمدة سنة، ولا يجوز أن يشترط في عقد الوقف شرطًا يخالف أصل الوقف كأن يمنع أحدًا من فئة الموقوف عليهم من الانتفاع بالوقف. [٤]


2. الواقف

وهو الشخص الذي يملك ما يريد وقفه، وكي يتمكن من الوقف لا بد أن يكون أهلًا للتبرع، فيكون بالغًا راشدًا عاقلًا حرًّا؛ فلا يقبل الوقف من مجنون أو سفيه أو صغير السن. [٤]


3. الموقوف

وهو العين الذي يريد الواقف أن يقفه، ولا بد في الموقوف أن يكون معلومًا ولا يجوز أن يكون مجهولًا كوقف إحدى الأراضي دون تحديد، ويجب أن يكون الموقوف ملكًا للواقف عند عقد الوقف، ويجب ألا يكون الموقوف من المحظورات الشرعية مثل أماكن العبادة لغير المسلمين أو الخمور. [٤]


4. الموقوف عليه

وهم الأشخاص الذين سينتفعون بالعين الموقوفة، وهنا لا بد من تحديد الموقوف عليهم، ولا يجوز التخيير كأن تقول وقفت هذه الأرض لأحد هذين الشخصين، كما يجب أن يكون الوقف على جهة لا تنقطع مثل الفقراء والمساكين. [٤]


أراضي الوقف

وتأخد أراضي الوقف شكلين، وهما:


1. الأراضي الموقوفة وقفًا صحيحًا

وهي الأراضي التي تكون قد استوفت جميع شروط الوقف وأركانه، فلا يكون في أحد تلك الشروط أو الأركان أي خلل أو نقص، ومثال ذلك ألا يكون الوقف معلقًا على أمر غير موجود أو على احتمالية وجوده، كأن يقول أحد لو كنت أملك هذا البيت لوقفته لصالح الفقراء؛ فهذا الوقف غير صحيح؛ لأنه خالف شرطًا من شروط الوقف الصحيح وهو الملكية للأرض الموقوفة، فإذا كان يملك هذا البيت وقال وقفته لصالح الفقراء فهذا الوقف صحيح، وعلى هذا فإن أي وقف يكون مخالفًا للشروط والأركان يكون وقفًا غير صحيح. [٥][٦]


2. الأراضي الموقوفة وقفًا غير صحيح

وهي بالأصل أراضٍ ذات ملكية عامة وغير محددة الملكية، وقد خصصت للوقف ولم يعترض أحد على ذلك، وعلى هذا تصبح أرضًا موقوفة تتبع جهة خيرية معينة مع أنها أرض موقوفة وقفًا غير صحيح لأنها غير مملوكة، ولكن لم يعترض عليها أحد ولا يجوز لأي أحد أن يعترض عليها بعد مرور زمن طويل على هذا الوقف، أما إذا اعترض عليها أحد له علاقة بهذه الأرض وهو متضرر منها فله الحق بالاعتراض ولكن منذ البداية وليس بعد مرور وقت طويل. [٧]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:1631.
  2. ابن فارس، مقاييس اللغة، صفحة 6-135.
  3. "تعريف الوقف في اللغة والشرع"، الألوكة، 25/5/2014، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 3-685. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين _ إعداد الدكتور ناجي شفيق عجم، مجلة مجمع الفقه الاسلامي، صفحة 602. بتصرّف.
  6. "الوقف: شِرْعة ومفخرة"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، أبحاث هيئة كبار العلماء، صفحة 201. بتصرّف.