ما يُعين على التخلّص من سوء الظن بالناس
سوء الظنّ هو أن يعتقد المرء جانب الشرّ والسوء بأحد الناس مع ترجيحه إياه على جانب الخير دون وجود أسباب واضحة تقتضي ذلك، وهذا الخُلق ليس من نزاهة المسلم،[١] وهناك العديد من الأمور التي تُعين المسلم على التخلّص من سوء ظنّه بالآخرين، ونذكر أبرزها فيما يأتي:
معرفة حكمه وامتثال أمر الله تعالى
حرّم الله -تعالى- سوء ظنّ المسلم بأخيه المسلم؛ لِما لذلك من الآثار السيّئة التي تتنافى مع التآلف والوحدة بين المسلمين، ويدلّ على ذلك:[٢]
- قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).[٣]
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ ...).[٤]
إدراك ما ينتج عنه من الآثار السيئة
ينتج عن سوء الظنّ بالنّاس العديد من الآثار السلبية، فهو غالباً ما يؤدّي إلى البغضاء والكراهية، وغياب الأمانة والطمأنينة تجاه الآخرين، ويسبّب في الاختلاف والفرقة والعداوة، وتسوء بسببه العلاقات بين النّاس، لِذا فيجب الحذر من هذا الخُلُق السيِّئ، واستحضار حسن الظنّ ما دام هناك مجال لذلك، لأنّ الأصل هو السلامة والبراءة ما لم يكن هناك أسباب واضحة للتهمة.[٥]
تجريد الفكر من التحليلات السيّئة
لقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- سوء الظنّ بأنّه أكذب الحديث، لأنّ صاحبه يعتقد أنّ سوء ظنّه وتخيّله عن فلانٍ صادق لا نِقاش فيه ولا جِدال، بل يتعدّى الأمر ذلك فيجعله يُحلّل نوايا الشخص ويُخبر عنها، لِذلك كان سوء الظنّ أكذب الحديث، ذلكم أنّ منطق العدل مع الناس يدعو إلى التجرّد من التحليلات السيّئة، أو التّدخل في نواياهم، وحمل أفعالهم ومقاصدهم على المحمل السيِّئ.[٦]
وسائل أخرى تعين على التخلص من سوء الظن
ذكر أهل العلم العديد من الطرق التي تُعين صاحبها على تجنّب سوء الظنّ بالنّاس في غير موضعه، ومن هذه الطرق الأخرى ما يأتي:[٧]
- عدم الاسترسال مع الظنون والتحليلات السيِّئة، والاستعاذة بالله من الشيطان.
- تذكّر سوء عاقبة مَن يُسيء الظنّ بالمؤمنين، فقد قال الله -سبحانه-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)،[٨] وقال -عليه الصلاة والسلام-: (... مَن تَتبَّع عورةَ أخيهِ المسلمِ تَتبَّعَ اللَّهُ عورتَهُ، ومَن تتبَّع اللَّهُ عورتَهُ يفضَحْهُ ولَو في جَوفِ رَحلِهِ).[٩]
- محاسبة النفس ومراجعتها باستمرار، وتوطينها على الخُلُق الحسن، والإكثار من الاستغفار، يقول ابن القيم -رحمه الله-: "فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع وليتب إلى الله تعالى، وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء".
- تأوُّل ما ظاهره السّوء وإيجاد مخرجٍ له، يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا يحل لامرئٍ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً".
- تجنّب رِفاق السّوء الذين يُكثرون الغيبة والنميمة وسوء الظن بالناس، يقول أبو حاتم البستي: "... فكما أنّ صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشر".
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 4652، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ أحمد البربير، الفصيحة العجما في الكلام على حديث أحبب حبيبك هونا ما، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:12
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6724، صحيح.
- ↑ ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 148، جزء 21. بتصرّف.
- ↑ محمد الدويش، دروس الشيخ محمد الدويش، صفحة 8، جزء 54. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 303-304. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:58
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2032، حسن.