يدعو الإسلام إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة بكل أنواعها؛ لما لها من آثار عظيمة على الفرد والمجتمع، وقد عظّم الإسلام الأجر المترتب على التحلي بهذه الأخلاق الكريمة لحث الناس على الالتزام بها، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدْرون ما أكثرُ ما يُدخِلُ النارَ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: الأجوفانِ: الفرجُ والفمُ، وما أكثرُ ما يُدخِلُ الجنَّةَ؟ تقوى اللهِ وحُسنُ الخُلُقِ"،[١] وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: "وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"،[٢] وقد مدح القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم واصفًا خلقه بقوله تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"،[٣] وهذا المدح من الله تعالى دلالة مهمة على عظم الأمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوتنا ويجب علينا التحلي بأخلاقه الكريمة.
كيفية اكتساب الأخلاق
لا بد من العلم بأن الأخلاق نوعان؛ منها ما هو مجبول عليه الإنسان بفطرته أي موهوب له، ومنها ما هو مكتسب يستطيع الإنسان أن يكتسبه،[٤] إذ يستطيع الإنسان اكتساب الأخلاق ليصبح شخصًا خلوقًا من خلال عدة وسائل وطرق وأسباب، وسنعرض فيما يأتي أبرز ما يمكن أن يعين على ذلك:
- الحرص على سلامة العقيدة؛ لأن الإنسان غالبًا ما يتصرف بناء على معتقداته التي يؤمن بها؛ فإذا كانت عقيدته سليمة يترتب على ذلك استقامة سلوكاته.[٥]
- التأمل في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن فيها الكثير من الآيات والأحاديث التي تثني على الأخلاق الحسنة وتشيد بها، وإن المسلم الذي يمثل القرآن والسنة مرجعين له سيزداد حماسه للتحلي بخلق معين إذا رأى أن الشريعة الإسلامية تدعو إليه وتمدح من يتحلى به.[٦]
- مجاهدة النفس؛ فمن درب نفسه وعودها أن تتحلى بفضائل الأخلاق كان له ذلك، فمن الفضائل ما هو مكتسب ويستطيع الإنسان أن يقاوم شهوات النفس ويتحلى به.[٥]
- محاسبة النفس؛ وذلك بأن يراجع نفسه ويعزم على عدم العودة إلى ذميم الأخلاق وأن ينوي الالتزام بفضائل الأخلاق.[٥]
- الدعاء؛ فالدعاء مفتاح للأمور كلها فمن أراد الخير وعلو الأخلاق وأحسنها فعليه بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى بأن يرزقه حسن الخلق.[٥]
- التفكر في ثمرات حسن الخلق والآثار الطيبة المترتبة على ذلك، مما يدفع النفس إلى الالتزام بتلك الأخلاق والحرص على التحلي بها والمواظبة على تطبيقها.[٥]
- علو الهمة؛ فالمسلم يسعى بهمته بعلو شاهق إلى أن يكون ذا شخصية مميزة في جميع الجوانب، ومن أهمها الأخلاقية، وعليه فإنه يبذل وسعه ليكون خلوقًا متحليًا بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة.[٥]
- العلم النافع، إذ يعد العلم مما يعين على اكتساب الأخلاق أيضًا؛ فالعلم يؤدي إلى تهذيب شخصية الإنسان وإكسابه حسن الخلق، وذلك لأن العلم يمرن الإنسان على كشف الحقائق أيًّا كانت، وإن المطلع على الحقائق يدرك أن الأخلاق الحسنة هي عين الحقيقة.
- مجالسة أصحاب الأخلاق النبيلة، وتجنب مجالسة أصحاب الخلق السيئ؛ وذلك لأن الإنسان يتأثر بالبيئة التي يكون فيها، ونذكر في هذا السياق قوله صلى الله عليه وسلم: "الرَّجلُ على دِينِ خليلِه، فلْينظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلْ".[٧][٦]
- تذكير النفس بالآثار المترتبة على سوء الخلق، إذ إن سوء الخلق لا يأتي إلا بشر، وهو متلازم مع نفور الناس والذكر السيئ وعدم القبول، والفرد عند تأمله لتلك العواقب يجد أنه ينفر من الأخلاق السيئة، وتصبح الأخلاق الحسنة محببة إليه.[٦]
نصائح لاكتساب الأخلاق
إذا أراد الإنسان أن يصبح خلوقًا عليه بمعرفة الأخلاق الحسنة؛ فالعلم هو بداية كل خير وفضيلة، ثم عليه أن يصوب عقيدته وينقحها من الشوائب، ويجاهد نفسه ويصبر ويسعى بعلو همة إلى الارتقاء بنفسه إلى أعلى مستوى أخلاقي يستطيع الوصول إليه، وأن يحاسب نفسه بين الحين والآخر، وكذلك أن يستحضر دائمًا في ذهنه ونفسه الثواب الكبير المترتب على حسن الخلق في الدنيا والآخرة، والعواقب السيئة والوخيمة في حال عدم الالتزام بالأخلاق الحسنة، وإن هذا الاستحضار والتفكر في الثواب والعقاب من الأمور التي تعين على اكتساب الأخلاق الفاضلة والتحلي بها وتجنب الأخلاق السيئة بكافة صورها وأشكالها.
أهمية الأخلاق في الإسلام
يحث كل من القرآن الكريم والسنة النبوية في الكثير من المواطن على الأخلاق الحسنة، ويؤكدان أهمية الالتزام بها؛ لذا ينبغي على المسلم التحلي بالأخلاق الفاضلة في حياته وتعاملاته مع الآخرين مبتغيًا بذلك الأجر والثواب من الله تعالى وطمعًا في نيل رضا الله تعالى والفوز بجنته يوم القيامة، وإن الأخلاق الإسلامية الحسنة التي يحث الإسلام على التحلي بها كثيرة يصعب حصرها، ولكن يمكن القول بأن حسن الخلق يعتمد على مجموعة أخلاق حسنة أساسية؛ وهي الصبر والشجاعة والعفة والعدل،[٤] ومن الأخلاق الحسنة الأخرى التي يدعو إليها الإسلام وينبغي على المسلم الحرص عليها الحياء والزهد والكرم والصدق والأمانة والحلم والتواضع وكتمان السر وكذلك الشورى وغيرها.[٨]
المراجع
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الأدب المفرد، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:222.
- ↑ سورة البقرة ، آية:195
- ↑ سورة القلم، آية:4
- ^ أ ب خالد الخراز، موسوعة الأخلاق، صفحة 24-25.
- ^ أ ب ت ث ج ح محمد بن ابراهيم الحمد، كتاب الأسباب المفيدة في اكتساب الأخلاق الحميدة، صفحة 5-11. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ابن عثيمين، مكارم الأخلاق، صفحة 33-34. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:4500، حسن.
- ↑ حسين بن سعيد الحسنيه، "أخلاق المسلم "، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021.