الفرق بين الوديعة والقرض من حيث المعنى
تختلف الوديعة عن القرض في عدّة أمور، ونوضّح تعريف كلٍّ منهما فيما يأتي:
- معنى الوديعة
هي وضع المال عند أحدٍ أو جِهةٍ ما لحفظه، مع الالتزام بعدم التصرف فيه إلا بإذن المودِع، وردّه متى ما طلبه دون تأخير، فالوديعة في الإسلام قائمةً على "حفظ المال وردّه بعينه دون التصرف فيه".[١]
- معنى القرض
هو "دفع مال مثلي لآخر لينتفع به الآخذ، ثم يرد مثله"، والغرض الحقيقي منه هو تفريج كربة المقترض ومعونته.[٢]
ومن خلال التعريف يتّضح أنّ الفرق بين الوديعة والقرض في جواز التصرف فيها من عدمه؛ فلا يجوز التصرف بالوديعة بغير إذن المودِع، وإن فعل المودَع عنده ذلك كان متعدِّياً، ويضمن النقص أو التلف الحاصل في المال، أما القرض فيجوز للمقترض أن يتصرّف في المال وينتفع به، وعليه أن يردّه متى ما طلبه المُقرِض إلا إن كان معسراً، وفي حال انتفع المقترض منه فليس للمُقرِض حقٌ في أخذ الأرباح.[٣]
الفرق بين الوديعة والقرض من حيث الحكم
يختلف حكم الودائع والقروض بحسب أنواعها وأقسامها، فما ذكرناه في التعريفات السابقة هو المعنى الاصطلاحي الشرعي لكلٍّ منهما، ولكن أصبح لهما أقسام عدّة فيما بعد، ونوضّح ذلك بشكلٍ ملخَّصٍ فيما يأتي:
أقسام الوديعة وأحكامها
لا يمكن الحكم على الوديعة الآن بأنّها وديعة بمعناها الشرعي إلا حينما يتمّ الاطّلاع على كيفية التعامل فيها، ففي الزمن الحاضر أو العرف الاقتصادي كثيراً ما يُطلق على القروض ودائع، فإذا نظرنا إلى أكثر الأقسام شهرةً وهي الودائع البنكية نجد أنّها على قسمين، ونوضّح الحكم بحسب أنواعها فيما يأتي:[٤]
- وديعة غير استثمارية (الحساب الجاري)
هي أن يضع العميل ماله في البنك على أن يأخذه متى شاء دون زيادةٍ أو ربحٍ على رأس المال، وهذه الصورة جائزة ولا حرج فيها إن وضع العميل ماله في بنكٍ لا يتعامل بالربا، فإن وضعه في بنكٍ ربويّ لم يجز ذلك، لأنّه سيتقوّى بهذا المال في أنشطته الربوية المحرّمة، إلا إذا كان العميل بحاجةٍ شديدةٍ إلى حفظ ماله في بنك مع عدم وجود أي بنكٍ إسلامي يحفظ ماله عنده.
- الوديعة الاستثمارية: وهي قيام العميل بوضع ماله في البنك للاستثمار مقابل أرباح يحصل عليها في فترات زمنية محددة يتم الاتفاق عليها، ويختلف حكمها بحسب صورها، وتوضيح ذلك فيما يأتي:
- من الصور المباحة: أن يكون بين العميل والبنك عقد مضاربة، فيستثمر البنك ماله في مشاريع مباحة مقابل نسبة محدّدة من الربح، بشرط عدم ضمان رأس المال في حال الخسارة إلا إذا قصّر البنك في ذلك، وأن يتمّ الاتّفاق على تحديد نسبةٍ شائعة من الربح من البداية، فلا يجوز أن يكون الربح مجهولاً.
- من الصور المحرّمة: أن يكون استثمارها في بنك ربوي أو لإقراض المحتاجين بالربا أو في مشاريع غير مباحة، وأن يكون رأس المال مضموناً في جميع الحالات.
أقسام القروض وأحكامها
نذكر حكم القرض العام بحسب قسميه المشهورين فيما يأتي:
- القرض الحقيقي (الحسن)
وهو ما تمّ ذكر تعريفه في بداية المقال، وهذا القرض أجمع العلماء على جوازه، لقول الله -تعالى-: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)،[٥] ويتمّ ردّ المال في القرض الحسن دون زيادة ربوية على رأس المال.[٦]
- القرض الربوي
وهو القرض الذي يتمّ سداده مع زيادةٍ مشروطة، وقد اتفق الفقهاء على القاعدة التي تقول: "كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا"، ولا يجوز أخذها ولا إقراضها، لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).[٧][٨]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 3، جزء 172. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 621، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "لا يتجرفي الوديعة إلا بإذن صاحبها بخلاف القرض"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ "أنواع الودائع المصرفية وحكمها"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:245
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 624-625، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:278-279
- ↑ لجنة الإفتاء، "القرض الذي تشترط فيه الفائدة باطل"، دار الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2022. بتصرّف.