البنك في وقتنا الحالي هو الأساس للنظام الاقتصادي؛ فمن خلال البنك يكون العرض والطلب على النقود، إذ تعد البنوك هي الوعاء لتجميع الأموال والمدخرات التي يكون التصرف بها وفق مصلحة المجتمع، وذلك عن طريق استثمار هذه الودائع بطريقة تحفز الجانب الاقتصادي، وفي مقالنا هذا سنتحدث عن أهم عنصر في البنوك، وهو العنصر الذي يحافظ على النشاط الاقتصادي للبنك ويبقي فيه كمية كافية من الأموال وهو الودائع.


الوديعة كلمة مفردة جمعها ودائع، ونقول ترك عنده وديعة أي ما يودع من أمانات[١]، وتعرف الوديعة اصطلاحًا بأنها الشيء الذي يودع عند شخص ما بصفة الأمانة ويكون هذا الشخص أمينًا على ما يوضع عنده، والإيداع بمعنى التوكيل والحفظ والصون، وإن الشخص الذي سيحافظ على هذه الوديعة يكون حفظه لها من باب التبرع.[٢]


حكم وضع وديعة في البنوك الإسلامية

البنوك الإسلامية هي البنوك التي تعلن تعاملها وفق أحكام المعاملات المالية الإسلامية، وتبتعد عن التعامل بالفائدة المعروفة في الشريعة الإسلامية بالربا[٣].


أنواع الودائع في البنوك الإسلامية

1. الوديعة تحت الطلب

وهي إيداع مبلغ من المال في المصرف الإسلامي، وحكمه حكم يد الضمان، فيكون البنك ضامنًا له في حال التعدي أو التقصير[٤].


2. الوديعة الاستثمارية

المقصود بالوديعة الاستثمارية هي أن تكون الوديعة رأس مال مضاربة، والبنك هو المضارب، فالمضاربة هي عقد بين شخصين أحدهما يقدم المال ويسمى رب المال، والآخر يقدم العمل ويسمى المضارب، فرب المال هنا هو المودع وعامل المضاربة (المضارب) هو البنك، ولا يكون في هذه الوديعة دفع فائدة ولا ربح مضمون[٤].


حكم وضع وديعة في البنوك الربوية

البنوك الربوية هي البنوك التي تستند وتعتمد في تعاملاتها على الفائدة المعروفة بالربا والمحرمة شرعًا.[٣]


أنواع الودائع في البنوك الربوية

1. ودائع جارية

هي مبالغ يودعها الأشخاص في البنك، ليردها البنك إلى صاحبها عند طلبها، ويعمل البنك على تشغيل هذه الأموال لصالحه، وفي الوقت نفسه يجب أن تتوافر سيولة لمواجهة الطلب من المودعين، وإن بعض المصارف قد تأخذ بعض المبالغ من المودعين من أجل إدارة الحساب، وبعض المصارف تدفع الفائدة للمودعين من أجل جذبهم إلى إيداع الأموال لديها، والأصل عدم أخذ هذه الفائدة لأنها تعد ربًا[٣].[٥]


2. ودائع زمنية

وتسمى هذه الودائع بودائع الأجل، إذ يضع المودع أمواله في البنك على أساس وديعة بأجل، وهو عندما يضع أمواله في البنك الربوي بأجل لا يستطيع السحب منها مقابل حصوله على فائدة مضمونة في نهاية الأجل أي الفترة المحددة مع البنك، وهذا محرم لأنه ربا، فالربا هو الزيادة المشروطة على أصل ما ثبت في الذمة[٣].


3. ودائع التوفير

والهدف من هذا النوع من الودائع وهو تشجيع الناس التي تمتلك أموالًا قليلة وتريد ادخارها، فتقبل هذه المصارف الودائع مع تيسير عملية الإيداع والسحب[٣].


أركان الوديعة

لكل عقد من العقود أركان، والأركان التي يتكون منها عقد الوديعة هي ثلاثة باتفاق الجمهور، وفيما يأتي توضيح لها[٢]:


1. العاقدان

وهما المودع والوديع، فالمودع هو الشخص الذي يمتلك الشيء ويريد من الطرف الآخر أن يحفظ له هذا الشيء، بينما الوديع وهو الشخص الذي يودع عنده الشيء ليحفظه ويصونه.


2. الوديعة

وهي الشيء الذي يريد المودع أن يحفظه.


3. الصيغة

وتتمثل بالإيجاب والقبول؛ كأن يقول المودع أودعت عندك سيارتي، والوديع يدل باللفظ أو ما شابه ذلك على أنه قبل الوديعة.


مشروعية الوديعة

اتفق الفقهاء في جميع الأزمان والعصور على أن الوديعة جائزة شرعًا لحاجة الناس إلى ذلك، وهي من باب الإيداع والمشروع والمندوب؛ فمن فعله فقد حصل على الأجر والثواب من الله تعالى، إذ قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا"[٦][٢].


الحكمة من مشروعية الوديعة

إن الله سبحانه وتعالى لم يشرع الأحكام والقواعد التي تسير الحياة البشرية عبثًا، فكل أمر له حكمة من وجوده، وإن الحكمة من الحث على الوديعة ومشروعيتها هو التييسر على الناس وتحقيق مصالحهم، إذ يستعين الناس ببعضهم من أجل حفظ أموالهم وممتلكاتهم، فقد تكون لأحد حاجة في الذهاب إلى مكان معين ومعه حاجاته الثمينة ولا يستطيع حملها أو نقلها معه، ففي هذه الحالة هو يحتاج إلى من يحافظ على هذه الممتلكات ريثما يعود، فيبحث عمن يستطيع أن يحفظ له ممتلكاته يصونها، وهذه هي حكمة الله سبحانه وتعالى في تشريع وجواز الوديعة[٢].


حالات ضمان الوديعة

تكون يد الوديع على الوديعة يد أمانة وليست يد ضمان، أي إن الوديع هو مسؤول عن حفظ هذه الوديعة في حال بذل الجهد لحفظها، ولكن إذا تعرض منزله للحريق مثلًا، فهذا ليس تقصيرًا منه، أما في حال وضع الوديعة في مكان غير آمن كوضع قطعة من الذهب في مكان واضح وأمام أعين الجميع فإذا إذا سُرقت فإن الوديع يضمن هذه القطعة، وفيما يلي بعض الحالات التي يضمن فيها الوديع الوديعة[٢]:

  1. ترك الوديعة دون حفظها، فواجب الوديع أن يحفظ الوديعة.
  2. وضع الوديعة عند شخص آخر دون وجود عذر، وإتلاف الشخص الآخر لها.
  3. استخدام الوديعة والانتفاع بها.
  4. إذا سافر الوديع وأخذ الوديعة معه.
  5. جحود الوديعة أي إنكار الوديع لها.
  6. خلط الوديعة مع غيرها.
  7. مخالفة شرط المودع في الوديعة.


المراجع

  1. "تعريف و معنى الوديعة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني.
  2. ^ أ ب ت ث ج "الوديعة"، الالوكة. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج عبد الجبار السبهاني، الوجيز في المصارف الإسلامية، صفحة 21. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبد الجبار السبهاني، دراسات متقدمة في النقود والصيرفة الإسلامية، صفحة 161. بتصرّف.
  5. عبد الجبار السبهاني، الوجيز في المصارف الإسلامية، صفحة 27-28. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية:58