معنى بيع المنابذة

بيع المنابذة هو أن يطرح كل من المتعاقدين ما معه على الآخر، ويجعلان ذلك موجباً للبيع دون تراضٍ، بحيث يتّفقان على أنّ السلعة التي يفرزها كلُّ واحدٍ منهما تجعلها ملزمة للشراء بسعرٍ محدّد،[١] وقد جاء في الأحاديث الصحيحة تفسير أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- للمنابذة، ومن ذلك ما يأتي:

  • رواية مسلم: (وَالْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ بثَوْبِهِ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ إلَيْهِ ثَوْبَهُ، وَيَكونُ ذلكَ بَيْعَهُما مِن غيرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ).[٢]
  • رواية أبي داود: (وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ أَلْقِ إِلَيَّ مَا مَعَكَ وَأُلْقِي إِلَيْكَ مَا مَعِي).[٣]
  • رواية النسائي: (الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: أَنْبِذُ مَا مَعِي وَتَنْبِذُ مَا مَعَكَ، لِيَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ، وَلَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمْ مَعَ الْآخَرِ، وَنَحْوًا مِنْ هَذَا الْوَصْفِ).[٤]
  • رواية أبي عوانة: (وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَتَنَابَذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا، فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارَ).[٥]


أمثلة على بيع المنابذة

من الأمثلة على بيع المنابذة ما يأتي:[٦]

  • أن يقول المتعاقدين: انبذ إلي سلعتك وأنبذ إليك سلعتي، فيحصل الشراء.
  • أن يقول بائع الملابس للمشتري: أي ثوبٍ تنبذه فهو عليك بمئة دينار.
  • أن يقول بائع القماش للمشتري: أي طول تنبذه إلي فهو عليك بسعر كذا.
  • أن يقول بائع العطر للمشتري: أي قارورة تنبذها إلي فهي عليك بسعر كذا.


حكم بيع المنابذة

بيع المنابذة من البيوع المحرّمة، لأنّه يفتقد شروط البيع الصحيحة، وهو من بيوع الجاهلية، وقد نهى عنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث، ومن ذلك ما ثبت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ، وهي طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بالبَيْعِ إلى الرَّجُلِ قَبْلَ أنْ يُقَلِّبَهُ)،[٧] وجميع صوره فاسدة ومحرّمة بلا خِلاف، ونذكر أبرز أسباب فساد هذا البيع وحرمته فيما يأتي:[٨]

  • النهي الصريح عنه في الأحاديث النبوية الشريفة.
  • الجهالة، وبها علّل الحنفية والحنابلة حرمتهُ.
  • انعدام الرؤية، أو انعدام الصيغة، وبها علّل الشافعية حرمتهُ.
  • تعليق تملّك السّلعة بالخطر، فعندما يقول البائع للمشتري: أي ثوب أنبذه إليك فقد اشتريته، فإنّه يُعلّق تمليك هذا الثواب بالخطر، فسواءً أعجب المشتري أم لم يُعجبه ويُناسبه فقد أصبح ملزماً بشرائه.
  • عدم التراضي، لِذا يقول أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في رواية مسلم: "... فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلاَ تَرَاضٍ".


الغرر في بيع المنابذة

نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، فقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ)،[٩] ويُقصد بالغرر ما يتضمّنه البيع من المخاطرة، مثل ما يقع من الشكّ أو الجهل في أوصافه ومقداره أو عاقبته، والغرر إما أن ينتج عن صيغة العقد أو عن طبيعة المعقود عليه، وبيع المنابذة هو أحد أنواع بيع الغرر.[١٠]

المراجع

  1. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 81، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1512، صحيح.
  3. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1777، صححه الألباني.
  4. النسائي، سنن النسائي، صفحة 261، جزء 7.
  5. أبو عوانة، مستخرج أبي عوانة، صفحة 256، جزء 3.
  6. عبد الكريم اللاحم، المطلع على دقائق زاد المستقنع، صفحة 166، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2144، صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 142-143، جزء 9. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1513، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 70، جزء 1. بتصرّف.