تعريف عقد الإجارة

عقد الإجارة هو نوعٌ من أنواع عقود المعاوضة، وهو عقدٌ على منفعةٍ معلومةٍ ومباحة، يتمّ أخذها بالتدريج شيئاً فشيئاً لمدَّةٍ معلومةٍ، سواءً كان ذلك على عينٍ محدَّدةٍ أو موصوفةٍ في الذمّة، أو على عملٍ معلومٍ بعوضٍ معلوم، وسيتمّ توضيح بعض قيود التعريف فيما يأتي:[١]

  • تؤخذ شيئاً فشيئاً

أي إنّ المعقود عليه في عقد الإجارة يحدث شيئاً فشيئاً ثمّ يتلاشى، بعكس عقد البيع الذي يحصل فيه ذلك دفعةً واحدةً.


  • مدّة معلومة

يدلّ ذلك على وجوب تعيين مدَّةٍ محدَّدةٍ في عقد الإجارة إذا كانت على المنافع، أمّا الإجارة على العمل فلا يُشترط فيها ذلك.


  • سواء كانت عين معيّنة

وهو النوع الأول من أنواع الإجارة، ومثال ذلك أن يستأجر شخصٌ منزلٌ سكنيّ لمدّة سنة.


  • أو موصوفة في الذمة

وهو النوع الثاني، ومثاله أن يستأجر أحدهم سيارة مواصفاتها كذا وكذا لمدّة سنة.


  • أو عملٍ معلوم

وهو النوع الثالث، ويعني إجارة الأشخاص، على أنْ يكون العوض معلوماً عند العديد من الفقهاء.


أركان عقد الإجارة

يقوم عقد الإجارة على ثلاثة أركانٍ أساسية، وهي: العاقدان، ومحلُّ العقد، وثمن الأجرة، وصيغة عقد الإجارة، وتوضيح هذه الأركان فيما يأتي:[٢]

  • العاقدان

وهما المؤجّر والمستأجر، وقد اشترط أهل العلم أن تتوفّر فيهم عدّة شروط، وهي: أنْ يكونا بالغين عاقلين، حرّين، ومختارَيْن غير مُكْرَهيْن، بالإضافة إلى أهليّة التصرّف، وأن يكون المؤجِّر مالكاً لِما سيؤجّره، إلا إذا كان وكيلاً عن غيره أو ولياً قائماً على أمور صاحب العين المؤجّرة.


  • محل عقد الإجارة

وهي المنفعة المؤجّرة، فيتّفق العاقدان على تأجير منفعةٍ معيّنة -كالمنزل والشقق والفنادق ونحوها- مقابل أجرةٍ معيَّنة، وينشأ بينهما إيجابٌ وقبول، ويُشترط أن تكون هذه المنفعة معلومةً غير مجهولةً، ومباحةً غير محرَّمةً.


  • الثمن والأجرة

وينطبق ذلك على ما يصحّ ثمناً في عقد البيع، فكلّ ما صحّ ثمناً فيه صحّ ثمناً في الإجارة، سواءً كان ذلك نقداً، ومنه الذهب والفضة، أو كان العوض من الأعيان، كمن استأجر بيتاً مقابل أن يعطي المؤجّر سيارةً لمدةٍ معلومةٍ من الزمن.


  • الإيجاب والقبول

وهي صيغة عقد الإجارة، فيقول المؤجّر على سبيل المثال: أجّرتك هذه الدار بكذا وكذا، فيقول المستأجر: رضيت أو قبلت ونحو ذلك مما يدلّ على الرضا والقبول.


حكم عقد الإجارة

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الإجارة في الإسلام، واستدلّوا على ذلك بالنصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنّة النبويّة وبإجماع أهل العلم، ونذكر من ذلك ما يأتي:[٣]

  • الدليل من القرآن الكريم

قول الله -تعالى- حاكياً ما قالته إحدى بنات النبي شعيب -عليه السلام-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ* قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)،[٤] وشَرْعُ ما قبلنا شرعٌ لنا إذا لم يثبت النسخ.


  • الدليل من السنة النبوية

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أعطوا الأجيرَ أجرَهُ قبلَ أن يجفَّ عرقُهُ).[٥]


  • الإجماع

أجمع الصحابة -رضوان الله عليهم- وأكثر أهل العلم على مشروعية عقد الإجارة لحاجة الناس إليه، ولمّا كان عقد البيع على الأعيان جائزاً كان عقد الإجارة على المنافع جائزاً كذلك.

 

ويرى جمهور الفقهاء أن عقد الإجارة عقدٌ لازمٌ لا ينفسخ إلا إذا وُجِد العيب، أو زالت المنفعة المعقود عليها أو عينها، ونحو ذلك ممّا ينفسخ به العقد، ووافقهم أبو حنيفة في لزوم هذا العقد، ولكنّه خالفهم فقال بجواز فسخه أيضاً بالأعذار الطارئة على المستأجر، مثل أن يتوفّاه الله، فيمنعه ذلك من الوفاء بمدة العقد ومن استيفاء المنفعة.[٦]

المراجع

  1. دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 15-17، جزء 9. بتصرّف.
  2. محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 2، جزء 211. بتصرّف.
  3. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 3801-3803، جزء 5. بتصرّف.
  4. سورة القصص، آية:26-27
  5. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1995، صححه الألباني.
  6. محمد نعيم ساعي، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي، صفحة 581، جزء 2. بتصرّف.