تعريف بيع السلم
بيع السَّلم هو أحد أنواع البيوع في الإسلام الذي عرّفه أهل العلم بأنّه: "بَيعُ مَوصوفٍ في الذِّمَّةِ ببَدلٍ يُعْطى عاجلًا"، أي هو بيعٌ يقبض البائع فيه الثمن معجلاً مقابل سعلةٍ موصوفةٍ معلومةٍ مؤجّلة،[١] وعادةً ما يتعلّق ببيع الثمر وما ينتج عنها، مثل أن يُعطي المشتري للبائع مبلغاً معجَّلاً من المال مقابل زيت زيتونٍ يُسّلم إليه في موسمه، وهذا يعني أنّ بيع السلّم يتكوّن من:[٢]
- المسَلِّم: وهو المشتري.
- المسَلَّم إليه: وهو البائع.
- رأس مال السلم: وهو الثمن المعجّل.
- المسلّم فيه، أو ديْن السلم: وهو المبيع المؤجّل الموصوف في الذّمة.
حكم بيع السلم
بيع السّلم جائزٌ في الشريعة الإسلامية، وقد ثبتت مشروعيّته في القرآن الكريم والسنّة النبوية والإجماع، ونذكر أبرز الأدلّة على ذلك فيما يأتي:[٣]
- الدليل من القرآن
قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)،[٤] ووجه الاستدلال هو أنّ السلم نوعٌ من أنواع الديون، وقد أباحت هذه الآية الدَّيْن، وقال ابن عباس -رضي الله عنه-: "أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآْيَةَ".
- الدليل من السنة
ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ وهُمْ يُسْلِفُونَ بالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ والثَّلَاثَ، فَقالَ: مَن أسْلَفَ في شيءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، ووَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلى أجَلٍ مَعْلُومٍ).[٥]
- الإجماع
قال ابن المنذر: "أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السَّلَمَ جَائِزٌ".
أمّا الحكمة من مشروعية بيع السلم فهو قضاء حوائج النّاس ورفع الحرج عنهم، لِذا سمّاه الفقهاء أيضاً ببيع المحاويج، حيث إنّ الحاجة تدعو البائع إلى قبض الثمن المعجّل حتى يُنفقها إلى حين نضج زرعه، وصاحب رأس المال يحتاج إلى شراء السّلعة، فيتمّ في بيع السّلم مراعاة مصلحة البائع والمشتري وسدّ حاجاتهم.[٦]
أركان وشروط بيع السلم
عقد بيع السّلم له أربعة أركانٍ، وهي: العاقدان، والصيغة أو الإيجاب والقبول، ورأس مال السّلم، والمسلّم فيه الموصوف بالذمّة،[٧] وقد اشترط جمهور الفقهاء أن يكون عقد السلم بلفظ البيع أو السلم والسلف فقط، بينما اشترط الشافعية أن يكون بلفظ السّلم والسلف فقط دون غيره، وإلا لا ينعقد البيع.[٦]
أمّا شروط بيع السّلم فيُشترط فيه شروط البيع عامَّةً بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصّة الأخرى، ونذكرها فيما يأتي:[٨]
- أن يكون المسلَّم فيه -أي السّلعة المؤجّل تسليمها- معلومٌ وينضبط بالصفات التي تختلف باختلاف الثمن؛ فيُعلم نوعه، وجنسه، ولونه، وجودته، وبلده، ونحو ذلك؛ حتى لا يؤدي الجهل بها إلى النّزاع بين البائع والمشتري فيما بعد.
- أن يكون الثمن معلوماً.
- أن يتمّ قبض الثمن في مجلس العقد، أمّا إذا تفرّق البائع والمشتري قبل ذلك بطل العقد.
- أن يكون المسلّم فيه بالذمّة.
- أن تكون مدّة تسليم المسلَّم فيه معلومة.
- أن تكون السعلة المؤجّل تسلميها عامّة الوجود عند وقت التسليم.
إذا تعذر وجود المسلَم فيه عند حلوله
إذا تعذّر تسليم المسلّم فيه عند حلول أجل التسليم وانقضائه لعذر؛ مثل أن يكون البائع قد رعى الزرع واعتنى به، ولكن لم تحمل الشجر الثمر في تلك السنّة، وفي هذه الحالة يكون المشتري بالخيار؛ فإمّا أن يصبر إلى حين وجود المسلّم فيه، أو يفسخ العقد، ويُطالب برأس ماله، فإذا كان الثمن تالفاً أُعطي بدله بقيمته.[٩]
المراجع
- ↑ "تَعريفُ بَيعِ السَّلَمِ لُغةً واصطلاحًا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2023. بتصرّف.
- ↑ دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 79، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 193-194، جزء 25. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:282
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2240، صحيح.
- ^ أ ب د. علي المطري، "بيع السلم"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2023. بتصرّف.
- ↑ "عقد السلم.. تعريفه .. شروطه وأحكامه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2023. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 82، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 83، جزء 6. بتصرّف.