إنّ الأمانة قيمةٌ من القيم الإسلاميّة العظيمة، وهي داخلةٌ في جميع جوانب الحياة الشرعيّة والإنسانيّة عمومًا؛ إذ إنّ الأمانة لا تقتصر فقط على ما يتعلّق بالمال، بل يتعدّى مفهوم الأمانة إلى أمورٍ وجوانب متنوّعةٍ، قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)؛[١] فالأمانة لا تقتصر فقط على الأمانة في المال؛ بل هناك جوانب كثيرةٌ، منها الأمانة في أداء الحقوق والواجبات الاجتماعيّة والأخلاقيّة، وآتيًا في هذا المقال حديثٌ عن جانبٍ من جوانب الأمانة؛ وهو الأمانة مع الأهل.


الأمانة مع الأهل

يُقصد بالأمانة مع الأهل حفظ الفرد لحقوق أهله وعائلته، وأداء واجباته تجاههم؛ ويُفهم ذلك من حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في قوله: "كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ. قالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَحْسِبُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: والرَّجُلُ في مَالِ أبِيهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ"،[٢] فيبيّن الحديث الشريف أنّ كلّ على كلّ فردٍ مسؤوليّاتٌ كلٌّ حسب موقعه، وعليه أداؤها؛ لأنّ أداءها أمانةٌ، ومن بين هذه المسؤوليات؛ مسؤوليّة الرجل والمرأة عن أهلهما وأسرتهما؛ فيجب أن يقوما بهذه المسؤوليّة بأمانةٍ على أكمل وجهٍ؛ لأنّ كلًّا منهما راعٍ؛ والرعي هو جفظ الشي وحسن التعهد له، ومن يقوم بواجب الحفظ هو الراعي المؤتمن على حفظ هذه الأمانة، وتتمثّل مسؤوليّة وأمانة الرجل مع أهله في رعاية أهل بيته؛ بحيث يحرص على تربيتهم تربيةً صالحةً، وحثّهم على طاعة الله -سبحانه وتعالى- وتعليمهم أمور الدين والعدل، وتأمين حاجتهم، والإنفاق عليهم، والمرأة كذلك عليها أن تؤدّي المسؤوليّات المؤتمنة عليها تجاه عائلتها بحسن تدبير أمور بيتها وحسن تربية أولادها ورعايتهم ورعاية زوجها.[٣][٤]


فوائد الأمانة

إنّ للأمانة فوائد كثيرٌ منها ما يلي:[٥]

  1. الأمانة من الصفات الأخلاقية التي تُكمّل إيمان المسلم وإسلامه.
  2. الأمانة هي المحور الأساس الذي يقوم عليه الدين.
  3. الأمانة سبيلٌ لحفظ الأعراض والأموال وغيرها؛ فالمسلم يكون أمينًا على كلّ ما حوله؛ فيحفظ ودائع الناس، وأعراضهم؛ فلا يتحدث فيها بالباطل.
  4. الشخص الأمين يحظى بحبّ الله -سبحانه وتعالى- له.
  5. الشخص الأمين ينال حبّ الناس واحترامهم له وحسن تعاملهم معه.
  6. الأمانة من أعظم الصفات التي وصف الله -سبحانه وتعالى- به عباده المؤمنين في كتابه الكريم، كما جاء في قوله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).[٦]
  7. الأمانة سببٌ لانتشار الخير والبركة في المجتمع الذي تسود فيه.
  8. الأمانة مصدرٌ لفلاح الإنسان المتّصف بها.[٤]


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:72
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2409، صحيح.
  3. الموسوعة الحديثية، "شرح حديث كلكم راع"، الدرر السنية. بتصرّف.
  4. ^ أ ب " الأمانة.. بين الصيانة والخيانة "، إسلام ويب. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 524. بتصرّف.
  6. سورة المؤمنون، آية:8