إن المحافظة على الوعد والأمانة نوع من أنوع الصدق، وهي على عكس عدم الوفاء بالوعد والأمانة الذي يعد نوعًا من أنواع الخيانة والغدر والكذب، ولقد عدّ الله سبحانه وتعالى الوفاء بالوعد من الإيمان، فالناس يحتاجون إلى التعاون فيما بينهم، ولا يكون التعاون إلا من خلال مراعاة الوفاء بالوعد والأمانة، ولقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ"،[١] فالصدق في الوعد والأمانة فضيلة من الفضائل الحميدة التي يجب أن يتحلى بها المؤمن، وفي مقالنا هذا سنتعرف على بعض الأمور التي تمكننا من المحافظة على الوعد والأمانة.
أهمية المحافظة على الوعد والأمانة
الوفاء بالوعد قيمة إنسانية وأخلاقية عظيمة، إذ إن التزام الواعد بالوعد يؤدي إلى زيادة وتعزيز الثقة بين الناس، وزيادة التعاون في المجتمعات، كما أن الالتزام بالوعد أساس الاستقامة، إذ يعد الوفاء بالوعود والأمانات صفة من صفات الصالحين، فهي خلق أمر به رب العالمين، وهي صفة من صفات الأنبياء وسلوك إسلامي عظيم، فمن وعد بوعد يجب عليه الالتزام بهذا الوعد وعدم الإخلاف به.[٢]
فوائد المحافظة على الوعد والأمانة
إن كل أمر شرعه الله سبحانه وتعالى له إيجابيات تعود على من يلتزم به، كيف لا وقد جاء الإسلام ليجعل حياة الإنسان أجمل وأفضل، ومن فوائد الوفاء بالوعد والأمانة ما يلي:[٣]
1. تقوية الإيمان
وردت الكثير من الآيات في القرآن الكريم التي تبين أن من ينقض الوعد والعهد ينقص ذلك من إيمانه، كما وصفت بعض الآيات من لا يحافظ على الوعد بالكفر، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"،[٤] فمن يلتزم بالوعد يزدد إيمانًا، ومن لم يلتزم ينقص إيمانه.
2. زيادة التقوى
إن العلاقة بين التقوى والمحافظة على الوعد والأمانة تكاد تكون تبادلية؛ فلا يفي بوعده إلا تقيّ، كما أن الوفي والملتزم بوعوده يزداد تقوى كذلك، إذ تعد التقوى أثرًا من آثار الالتزام بالوعد والأمانة والعهد.
3. نيل محبة الله سبحانه وتعالى
إن الله عز وجل يجب عباده الملتزمين بالوعود والمحافظين على الأمانة، وبالتالي فإن من يتحلى بهذا الالتزام ينال محبة الله سبحانه وتعالى.
5. نيل الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى
إن الله سبحانه وتعالى قد وعد من يوفي بالأمانات والوعود والعهود بالأجر العظيم، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ".[٥]
6. الفوز بالجنة
إذ إن من يؤدي الأمانات ويلتزم بالوعد يكون مصيره الجنة بإذن الله تعالى.
أشكال المحافظة على الوعد والأمانة
وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على إنجاز الأمانة والوعد الذي قطعه الواعد، كما أن الكثير من الأحاديث تحث على الابتعاد عن عدم إنجاز الوعد والأمانة، فعلى المؤتمن أن يؤدي الأمانة إلى أصحابها فلا يخون هذه الأمانة، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الأمانة تنقسم إلى نوعين تكاد كل أشكال الأمانة تندرج تحتهما، وفيما يأتي ذكر لهما:[٦]
1. الأمانة مع الله سبحانه وتعالى
فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"،[٧] والمقصود في هذه الآية هو الأمانة مع الله سبحانه وتعالى في التكاليف الشرعية التي كلف بها عباده، وذلك من خلال الإخلاص في الأمانة والالتزام بالعبادات والمحافظة على آداب هذا الدين.
2. الأمانة مع الخلق
والمقصود هنا هو الأمانات التي يؤتمن الناس بعضهم بها، مثل الأمانة على الأموال والأعراض، فأي إنسان ائتُمِن على ذلك جيب عليه أن يؤدي هذه الأمانة ويحافظ عليها.
التوبة من خيانة الوعد والأمانة
إن خيانة الوعد والأمانة ذنب من الذنوب الكبيرة التي من الممكن أن يرتكبها الإنسان، ورغم ذلك الذنب إلا أن باب التوبة لمرتكب هذا الأمر مفتوح، فالمذنب عليه أن يسارع بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا خان المذنب الأمانة بأمر يتعلق بالله سبحانه وتعالى فعليه أن يزيد من ذكر الله والاستغفار والنظر في إذا ما كان التكليف الشرعي الذي خانه يمكن قضاؤه أو دفع كفارة عنه كي يجبر النقص الذي فعله، أما إذا كان الأمر يتعلق بحقوق الناس فعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ثم يؤدي هذه الحقوق إلى أصحابها أو أن يطلب العفو والمسامحة من صاحب هذه الأمانة.[٨]
المراجع
- ↑ سورة البقرة ، آية:40
- ↑ "أيها الناس أوفوا بعهودكم "، صيد الفوائد . بتصرّف.
- ↑ " فوائد الوفاء بالعهد"، الدرر السنية. بتصرّف.
- ↑ سورة الحديد، آية:8
- ↑ سورة الاحزاب، آية:23-24
- ↑ أحمد حطيبة، كتاب شرح الترغيب والترهيب للمنذرى، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:72
- ↑ " الأمانة في الإسلام"، الاسلام سؤال وجواب. بتصرّف.