معنى خلق الشهامة
الشهم في اللغة هو الذكي الجلِد المتوقّد، وهو النّافذ والماضي في الأمور، أمّا الشهامة اصطلاحاً فهي من الفضائل التي تحثّ على الشجاعة، وهي الحرص على الأعمال العظيمة والاهتمام بها توقُّعاً لحدوث الجميل، وقيل هي: "الحرص على الأمور العظام؛ توقعًا للذكر الجميل عند الحقِّ والخلق"،[١] وقريبٌ منها خلق المروءة، والإغاثة، والشجاعة، والنّبل، والرجولة.[٢]
آثار خلق الشهامة
إنّ لخلق الشهامة العديد من الآثار والفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع، وأهمّها ما يأتي:[٣]
- الشهامة خلقٌ من الأخلاق الحسنة الكريمة، ويُعين على التحلّي بالأخلاق الفاضلة، وهو من صفات الرجال عظماء النفس.
- ينشر هذا الخُلُق المحبة والتراحم بين الناس، ويزيل بينهم العداوة والبغضاء.
- سببٌ لنشر الأمن والطمأنينة وحفظ الأعراض في المجتمعات.
- يدلّ على شرف النفس ورِفعتها وعلوّ همّة وعزيمة صاحبها.
- يورث الذّكر الطيّب والجميل بين الناس، ويعود بالنّفع والخير على صاحبه وعلى المجتمع.[٤]
الترغيب بالشهامة في القرآن
جاء الترغيب بالشهامة في القرآن الكريم في أكثر من موقف، ونذكر أبرزها فيما يأتي:[٥]
- شهامة سيدنا موسى -عليه السلام-
قال الله -تعالى-: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ* فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)،[٦] وقد علّق الحجازي على هذا الموقف فقال: "فثار موسى، وتحركت فيه عوامل الشهامة والرجولة، وسقى لهما، وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما".
- شهامة المؤمن وعدم ضعفه
قال -تعالى- مواسياً المؤمنين ورافعاً معنوياتهم حتى لا يكونوا أضعف من أعدائهم: (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)،[٧] ويُفسّر السعدي الآية فيقول: "... فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك...".
مثال على شهامة النبي عليه الصلاة والسلام
من المواقف التي تدلّ على شهامة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما ثبت عن أنس -رضي الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْسَنَ النَّاسِ، وأَجْوَدَ النَّاسِ، وأَشْجَعَ النَّاسِ، ولقَدْ فَزِعَ أهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ سَبَقَ النَّاسَ إلى الصَّوْتِ، وهو يقولُ: لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا وهو علَى فَرَسٍ لأبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ ما عليه سَرْجٌ، في عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقالَ: لقَدْ وجَدْتُهُ بَحْرًا. أوْ: إنَّه لَبَحْرٌ).[٨]
وهذا الحديث النبويّ الشريف يبيّن موقفاً من مواقف شهامة وشجاعة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان من أجود الناس وأشجعهم، وذات يومٍ فزع أهل المدينة، وخافوا لمّا سمعوا صوتاً عظيماً، فجاءوا إلى ناحية ذلك الصوت، فتلقّاهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكان قد سبقهم قبل ذلك لناحية هذا الصوت، فلمّا رآهم خائفين أسكن روْعهم، وأخبرهم أن لا يخافوا ولا يفزعوا، فقد استكشف الخبر وعرف حقيقته، وطمأنهم لعدم وجود ما يُقلق.[٩]
المراجع
- ↑ "معنى الشهامة لغةً واصطلاحًا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2023. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 2420، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 299، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 2425، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ "الترغيب في الشهامة في القرآن الكريم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية:23-24
- ↑ سورة النساء، آية:104
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6033، صحيح.
- ↑ ابن الملك، شرح المصابيح، صفحة 229-230، جزء 6. بتصرّف.