إنّ المروءة من الأخلاق الحميدة التي جُبلت عليها النفس البشريّة؛ إذ إنّ العرب منذ القدم كانوا مضرب المثل بالمروءة؛ فهي من كمال الأخلاق الإنسانيّة التي يجب أن يحرص عليها الناس على اختلافهم، وآتيًا في هذا المقال شرحٌ وبيان لمعنى المروءة وأقسامها، وصفات المتخلّقين بها، وفوائدها.


شرحٌ عن المروءة

التعريف بالمروءة

تعرّف المروءة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:

  • المروءة في اللغة: مصدرٌ من مرؤ؛ فيقال: رجلٌ ذو مروءةٍ؛ أي ذو أخلاقٍ، وذو نخوة.[١]
  • المروءة في الاصطلاح: عرّف العلماء المروءة بتعريفاتٍ عديدةٍ متقاربةٍ، وفي ما يلي ذكرٌ لبعضٍ منها:[٢][٣]
  • عرّفها الفيّومي بأنّها: أدبٌ نفسيٌّ يجعل الإنسان يراعي الوقوف على الأخلاق الحسنة والعادات الجميلة.
  • عرّفها الماوردي بأنّها: "مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد، ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق".
  • عرّفها الجرجانيّ بأنّها: قوّةٌ في النفس تدفعها لصدور الأفعال الجميلة عنها، وهذه الأفعال ممّا يُمدح عقلًا وعرفًا وشرعًا.
  • عرّفها الكفويّ بإيجازٍ، فقال عنها: هي الإنسانيّة والرجولة الكاملة.


المروءة عند العرب والمسلمين

إنّ المروءة من الأخلاق العربيّة والإسلاميّة الأصيلة التي أقرّها الإسلام، فهي من أهمّ الخصال التي تميّز بها العرب والمسلمون وعرفوا بها، فكان العرب لمروءتهم يعينون كلّ محتاجٍ وينصرون كلّ مظلومٍ؛ وقد أكّد الإسلام على هذا الخلق العظيم وأولاه مكانةً كبيرةً، وحثّ على القيام به، وممّا يظهر لنا تمثّل هذا الخلق بين العرب قبل الإسلام وبعده؛ ما قالته أمّ المؤمنين خديجة بن خويلد -رضي الله عنها- عندما جاءها النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- خائفًا عند نزول الوحي عليه أوّل مرَّةٍ، وهو يردّد: "زمّلوني زمّلوني"؛ فكان رد خديجة رضي الله عنها: "كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ".[٤][٥]


شروط المروءة

ولكي تتحقّق صفة المروءة في الإنسان؛ فلا بدّ من توافر عدّة شروطٍ، ومن أهمّها ما يلي:[٦]

  • الابتعاد عن الأمور المحرمة والتعقّف عنها، وعدم اقترافها أو الاقتراب من مواطن الشبهات.
  • الحرص على التزام الإنصاف في كلّ أمرٍ في الحكم بين الناس وعليهم.
  • الابتعاد عن الظلم والكف عنه.
  • عدم الطمع في الأمور التي لا يستحقها والقناعة بما رزقه الله تعالى.
  • عدم إعانة القوي على آخر ضعيفٍ.


درجات المروءة

إنّ للمروءة درجاتٌ ثلاثةٌ، هي:[٦]

  • المروءة مع الله تعالى: وتقتضي استحياء المرء من الله تعالى، وتذكّره بأنّ الله مطّلعٌ عليه وناظرٌ إليه؛ ممّا يدفعه إلى الامتناع عمّا لا يرضاه، وإصلاح عيوب نفسه ما استطاع.
  • المروءة مع النفس: وتقتضي أن يحمل الإنسان نفسه ويجبرها على القيام بالأفعال الحسنة، وترك كلّ قبيحٍ من الأفعال والابتعاد عنها.
  • المروءة مع الناس: بأن يتعامل مع الناس بالحسن من الأخلاق، ويلتزم الأدب في معاملتهم، وألّا يُظهر لهم ما يكرهون.


فوائد المروءة

وللمروءة العديد من الفوائد ومنها:[٦]

  • تساعد المروءة على اكتساب الصبر والتحلي بالصدق.
  • بالمروءة يتمكّن الإنسان من الابتعاد عن الأمور التي تغضب الله سبحانه وتعالى.
  • يبتعد المسلم بالمروءة عن الأمور التي يكرهها المسلمون والتي قد يتسبّب وجدها بحدوث الخلافات.
  • تساعد المروءة على رفع الهمّة، ومواجهة الصعاب التي يمرّ بها الإنسان في حياته.
  • تبعد المروءة الإنسان عن الخمول والكسل.
  • تمنح المروءة الإنسان العزّة.
  • تدفع المروءة عن الإنسان كلّ ما يدعو إلى الرذيلة.
  • تحث المروءة الإنسان على العمل بجدٍّ وإتقان.


صفات أهل المروءة

إنّ من أبرز الصفات التي تميّز المتخلقين بالمروءة والعلامات التي يُعرفون بها ما يلي:[٧]

  • الحرص على تقوى الله سبحانه وتعالى.
  • حرصهم على برّ والديهم.
  • يصلون الأرحام ولا يقطعونهم.
  • يحترمون الكبير ويحنون على الصغير.
  • يحفظون السرّ لجميع الناس ولأصدقائهم حتى لو ابتعدوا عنهم.
  • يساعدون المحتاج.
  • يأمرن بالمعروف وينهون عن المنكر.
  • قلوبهم شجاعة وبريئة.
  • متواضعون ليّنون في كلامهم وتعاملهم.
  • صادقون في كلامه ويبتعدون عن الكذب.
  • يقدّمون النصح في الخفي ولا يفضحون الشخص.
  • لا يتحدّثون في أعراض الناس ولا يفضحونها.
  • يتّصفون بالحلم والشجاعة والصبر.
  • لا يسخرون من الآخرين ولا يستصغرونهم.
  • يقدّمون المساعدة ويضحون من غير مقابلٍ.


أسباب خوارم المروءة

ثمّة أسبابٌ كثيرةٌ تخرم مروءة الإنسان وتؤثر في اتّصافه بها، ومن هذه الأسباب:[٨]

  • فساد العقل وخفّته؛ فالإنسان المصاب بالحمق أو السفه لا يوصف بالمروءة؛ لأنّ المروءة تقتضي كمال العقل.
  • عدم كمال دين الشخص؛ وذلك لاتصافه بالفسق وعدم المبالغة في الدين.
  • قلّة الحياء؛ فالشخص المتّصف بقلة الحياء تدفعه قلّة حيائه إلى التجاسر على فعل القبائح، دون أن يبالي بكلام الناس، وهذا الأمر منافٍ ومعاكسٌ لصفة المروءة؛ لذلك اعتبر أحد خوارمها.

المراجع

  1. "تعريف و معنى مروءة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 1/12/2021.
  2. " معنى المروءَة لغةً واصطلاحًا "، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 1/12/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 3373. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6982، صحيح.
  5. محمود الشال (06/02/2017)، "المروءة والشهامة بين العرب والإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2021. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت "المروءة"، طريق الإسلام، 11/9/2021، اطّلع عليه بتاريخ 1/12/2021. بتصرّف.
  7. "من صفات أهل المروءة والشهامة "، طريق الإسلام، 13/7/2021، اطّلع عليه بتاريخ 1/12/2021. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 49. بتصرّف.