ما هي بيوع الأمانة؟

عالمنا اليوم يشهد تطورًا هائلًا في جميع مجالات التبادلات المالية، سواء بالكيفية أم بالكمية أم بالمضمون؛ وذلك بهدف إشباع جميع الحاجات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الحاجات، وهذا أدى إلى التوجه نحو وسائل غير مشروعة في الإسلام من أجل الحصول على مكاسب مالية بسهولة، وفي هذه الحالة يتطلب من المشرع أن يتدخل للتقليل من هذه الوسائل التي تؤدي إلى الحصول على المكاسب المالية بهذه الوسائل غير المشروعة، وتتمثل محاربة هذه الوسائل بإيجاد وابتكار وسائل مشروعة للكسب، وفي الوقت نفسه متطورة وتتناسب مع الوقت الحالي والمعاملات المالية الحالية، ومن أهم هذه الوسائل زرع الثقة والأمانة والمصداقية والاطمئنان بين المتعاملين، وفي مقالنا هذا سنتحدث عن جزء مهم من أجزاء المعاملات المالية وهو البيع، وسنتحدث بالذات عن بيوع الأمانات التي تقوم على الأمان والطمأنينة بين المتعامين.

بيوع الأمانة من أهم عقود البيع

تعريف بيوع الأمانة

• البيع هو واحد من العقود التي تلزم البائع بنقل ملكية الشيء أو السلعة إلى الشخص المشتري مقابل ثمن محدد أي مال، ومن أهم عقود البيع هو بيوع الأمانة التي سنتحدث عنها في مقالنا هذا.
• الأمانة مفرد جمعها أمانات، وهي مصدر أَمُن بضم الميم، والأمانة تشمل كلًّا من الطاعة، والعبادة، والوديعة، والثقة ^[١].
• بيع الأمانة هو البيع الذي يكون مبنيًّا على الأمانة والاطمئنان بين الأطراف المتعاقدة وهي البائع والمشتري، ويطلق بيع الأمانة على كثير من البيوع مثل بيع الوفاء وبيع المرابحة والإشراك والوضيعة والمسترسل، فكلها مبنية على الأمانة، وسنوضح معنى كل بيع على حدة في هذا المقال. ^[٢]

عناصر الأمانة

توجد للأمانة ثلاثة عناصر، وهذه العناصر هي المال المملوك، والحيازة لهذا المال، وتحقيق قصد الحفظ من هذه الحيازة، وفيما يلي توضيح لكل عنصر من هذه العناصر بعرض معناه الفقهي الذي يعكس ما يدل عليه في الأمانة: ^[٣]

1. المال المملوك

المال هو كل ما له قيمة وأجاز الشرع والقانون الانتفاع به في حالة السعة والاختيار، فالمال هو كل حق له قيمة اقتصادية، وعلى هذا فإن المال يشمل كل ما يحق للشخص التصرف فيه سواء أكان نقدًا أم عينًا، والتصرف فيه يكون بأي شكل يريده صاحبه من بيع وغيره، وحق تملك المال يمنع غير صاحبه من التصرف فيه ويوجب عليه تعويضًا في حال إتلافه، وكذلك الحقوق الشخصية والعينية تعد مالًا، وعلى هذا فإن المال المملوك هو كل ما له قيمة ويعود للمالك بحرية التصرف به دون وجود أي مانع لذلك.

2. الحيازة

وتكون حيازة صاحب المال بقصد التملك، أما إذا لم يقصد من الحيازة التملك فيكون صاحبها مؤتمنًا عليها؛ وعليه أن يحفظ هذا المال ويهتم به دون تعريضه للتلف أو الضرر.

3. قصد الحفظ

والمقصود بالقصد لغةً هو العزم والنهوض بالشيء، وهو الإرادة المؤكدة، وعلى هذا فإن المجنون والسفيه ونحوه لن يكون لديهم عزم، وبالتالي لن يحقق القصد، والقصد عند الإنسان ما هو مخفي في الباطن أي الإرداة الباطنية، وقصد الحفظ وهو القصد الموجود لدى الشخص الأمين دون غيره من الأشخاص، وهو حفظ المال لصالح مالك هذا المال دون التعدي عليه.

أنواع بيوع الأمانة

1. بيع الوفاء

هو البيع الذي يكون فيه البائع راغبًا باسترداد السلعة المبيعة، إذ يشترط على المشتري رد السلعة عندما يرد إليه الثمن، وسمي بيع الوفاء بييع الأمانة لأن الشيء المباع يكون أمانة في يد المشتري، فلا يحق للمشتري أن يتصرف به أو أن ينقل ملكيته إلا لبائعه. ^[٢]

2. بيع المرابحة

المرابحة مصدر ربح، ويقال اشتريت السلعة من البائع مرابحةً، وهو بيع السلعة بثمن أعلى من سعر الشراء ويسمى مفاضلة، وأجاز الفقهاء بيع المرابحة، ولكن توجد شروط عدة لبيع المرابحة، وأهم هذه الشروط علم المشتري بالثمن الأصلي للمبيع، وأيضًا العلم بثمن التكاليف أو المصاريف التي صُرفت على المبيع في حالة بيعه بعد نقله من مكان إلى آخر أو التعديل عليه، كما يجب أن يكون الربح معلومًا، أي أن يعرف المشتري نسبة ربح البائع في هذه السلعة. ^[٤]

3. بيع التولية

هو شراء سلعة معينة بثمن معين، ثم بيعها لشخص آخر بالسعر نفسه دون زيادة أو نقصان، وقال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني: "وبيع التولية هو البيع بمثل ثمنه من غير نقص ولا زيادة". ^[٥]

4. بيع الإشراك

هو مثل بيع التولية، ولكن فيه جانب مختلف، فهو يعتمد على بيع جزء من السلعة المشتراة بجزء من السعر. ^[٢]

5. بيع الوضيعة

هو بيع السلعة بثمن أقل من ثمن الشراء، وهو عكس بيع المرابحة. ^[٢]

6. بيع المسترسل

وهو البيع الذي يطلب فيه المشتري أخذ السلعة بسعر اليوم، أو كما تباع للناس أو بسعر السوق. ^[٢]