يعرف الوقف في اللغة بأنه المنع والحبس، أما التعريف الاصطلاحي له فهو حبس المنفعة من أحد الأصول التي يمكن الانتفاع بها دون بيعها وتقييدها لوجه الله في أحد وجوه الخير بنية أخذ الأجر والثواب من الله عز وجل.


مثال: كأن يمتلك أحد بستانًا ويقف المنفعة الناتجة عنه وهي المحصول للفقراء، وبذلك ينتقل هذا البستان من ملكه إلى ملك الله عز وجل، ولتوضيح أحكام الوقف وشروطه سنفصل الأمر في هذا المقال[١].


تعريف الوقف حسب المذاهب الفقهية

إن تعدد المذاهب الفقهية فيه سعة للمسلمين، كما أن فيه مساحة من الآراء التي يمكن الأخذ بأي منها حسب المذهب المتبع، ولمّا كان كل مذهب من المذاهب الفقهية يختلف مع غيره كان لا بد من وجود اختلافات في تعريف الوقف فيما بينها، وفيما يأتي تفصيل لتعريف الوقف عند كل مذهب[٢]:


الوقف عند الحنفية

إن التعريف المشهور للوقف عند جمهور الحنفية هو منع المملوك من التمليك للغير؛ وفي تخصيص المملوك إشارة إلى ضرورة أن يكون الوقف من أملاك الواقف، أما بقية التعريف فتشير إلى عدم القدرة على التصرف بهذا الوقف بأي شكل من الأشكال.


الوقف عند المالكية

يعرف الوقف عند المالكية بأنه منح المنفعة من الملك طوال مدة وجوده، مع ضرورة إبقائه ملكًا لمن يعطيه ولو شكليًّا، وفي قول منح المنفعة إشارة إلى أن العلة من الوقف هي تعميم المنفعة.


الوقف عند الشافعية

يعرف الوقف عند الشافعية بأنه حبس مال يمكن الاستفادة منه مع بقاء أصله، بمنع التصرف بهذا المال أو التصرف بما ينتج عنه من منفعة إلا لوجه الله بالخير والبر.


الوقف عند الحنابلة

يعرف الوقف عند الحنابلة بأنه تحبيس أصل الملك وتسبيل المنفعة الناتجة عنه، وإن ذكر لفظتي التحبيس والتسبيل في التعريف يدلان على بدء الوقف بتحبيسه ودوامه بتسبيله أي جعله سبيلًا.


أركان الوقف

للوقف أربعة أركان لا يمكن أن يكون الوقف كاملًا إلا بها، وفيما يأتي توضيح لها[٣]:


1. الواقف

وهو الشخص الذي يريد حبس المنفعة من أحد أملاكه لأحد وجود الخير، ويجب أن يكون الواقف أهلًا للتبرع؛ أي أن يكون بالغًا راشدًا عاقلًا مختارًا.


2. الموقوف

وهو الشيء المملوك الذي تترتب على حبسه منفعة دون بيعه كالبستان والدار والمسجد.


3. الموقوف عليه

وهو المنتفع بالوقف، وقد يكون شخصًا بعينه، أو مجموعة الأشخاص الذين يشتركون بحال معينة، أو جهة محددة ومعلومة.


4. الصيغة

وهو ما يدل على وقف ملك محدد على جهة محددة، وقد تكون الصيغة لفظًا صريحًا مثل وقفت، أو كناية مثل تصدقت، كما أن تنفيذ الوقف يعد كافيًا، كالسماح للناس بالصلاة في المسجد المراد وقفه.


شروط الوقف

توجد مجموعة من الشروط التي حددها الشرع في الوقف حتى يكون صحيحًا ومقبولًا، وفيما يأتي عرض لها[٤]:


1. أن يكون الواقف قادرًا على التصرف بأملاكه

وقد ذكرنا أنه يجب أن يكون بالغًا راشدًا عاقلًا مختارًا، كما يشترط بالضرورة أن يكون مالكًا لما يقف ملكًا كاملًا.


2. أن يكون الموقوف دائم المنفعة

إذ يشترط دوام المنفعة منه دون بيعه؛ كالمسجد، والبئر، ولا يجوز أن يكون الموقوف مؤقت المنفعة كالطعام.


3. أن يكون الموقوف محددًا

إذ يتعين على الواقف تحديد ما يريد وقفه من أملاكه على وجه الدقة، لا أن يقول: وقفت بيتًا من بيوتي.


4. أن يكون الوقف في الخير

وذلك لأن القصد من الوقف هو التقرب من الله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا بأعمال الخير؛ كوقف المساجد ودور العلم والكتب النافعة والآبار، ولا يصح وقف ما لا يجوز بيعه كالخمر ولحم الخنزير، أو وقف ما يخالف شريعة الإسلام كدور العبادة لغير المسلمين.


5. أن يكون الموقوف عليه قادرًا على التملك

فلا يصح الوقف على من لا يستطيع التملك كالميت والحيوان، إذ يعد ذلك مخالفًا لأصل الوقف وهو تملك المنفعة، والحيوان والميت لا يمكنهم تملك المنفعة الناتجة عن الوقف.


6. أن يكون الوقف منجزًا

فلا يصح أن يكون الوقف مؤقتًا أو معلقًا بحدوث شيء، إلا إذا كان معلقًا بموت الواقف، كأن يقول: بيتي وقف للفقراء إذا مت، ودليل ذلك ما جاء في وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد علق التصدق بأحد أملاكه على موته بقول: "إن حدث بي حدث".


المراجع

  1. "تَعريفُ الوقْفِ"، الدرر السنية. بتصرّف.
  2. أحمد عبد الجبار الشعبي، الوقف مفهومه ومقاصده، صفحة 6-14. بتصرّف.
  3. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 242. بتصرّف.
  4. "أحكام الوقف"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.