معنى الصبر على طاعة الله

الصبر على طاعة الله هو حملُ النّفس على أداء العبادات والطاعات التي أمر الله -تعالى- بها على الوجه الذي يحبّه ويرضاه، وسُمِّي صبراً لأنّ النفس بطبعها تركن إلى الراحة والكسل والخمول، وتتجنّب المشاق والتعب، فالعبادة تكليفٌ يحتاج إلى الصبر، خاصة مع وجود الشيطان ووساوسه للعباد، وأهواء النّفس وشهواتها، فيثقل أداء العبادة بسبب ذلك على العبد.[١]


وإذا نظرنا مثلاً إلى صلاة الفجر، فنجد أنّ الصبر هو الذي يُعين المسلم على ترك فراشه الدافئ والنّهوض لأدائها حتى يُحقّق رضا الله -تعالى- عنه، وكذلك إخراج الزكاة، فربّما أثقل على الإنسان إخراجها لحبّه للمال وحرصه عليه، ولكنّ صبره على أداء هذه الطاعة وسعيه لنيل رضا الله يُعينه على فعل هذه العبادة، وكذلك التكليف بالعبادات الأخرى، لِذا فإن المسلم بحاجةٍ ماسّة إلى هذا الصبر الذي يُعينه على أداء الطاعات.


وقد جاء هذا النوع في قول الله -تبارك وتعالى-: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)،[٢] وذُكر الصبر هنا بلفظ "اصطبر"، والزيادة في المبنى تدلّ على الزيادة في المعنى، وهذا يعني أنّ الطريق إلى الله -سبحانه- يحتاج إلى مجاهدة النفس والصبر المستمر.[١]


يقول السعدي -رحمه الله-: "الصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر، فلا سبيل لغير الصابر أن يدرك مطلوبه وخصوصا الطاعة الشاقة والمستمرة، فإنها مفتقرة أشد الافتقار إلى تحمل الصبر، وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر، فاز بالنجاح".[٣]


أقسام الصبر على طاعة الله

الصبر على طاعة الله -تعالى- يقتضي أن يكون المسلم صابراً في عبادته كلّها ممتثلاً قول الله -عز وجل-: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ)،[٤] ونوضّح أقسام الصبر على طاعة الله -تعالى- فيما يأتي:


الصبر قبل الطاعة

يحتاج المسلم أن يصبر على الطاعة قبلها، ويكون ذلك بالاستعداد لها، وشدّ العزيمة والهمّة للبدء بها، ويكون أيضاً بمراجعة النية وتصحيحها، ومجاهدة النّفس في منع دخول الرياء وحبّ الثناء من الناس، لذلك قدّم الله -سبحانه- الصبر على العمل في قوله: (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).[٥][٦]


الصبر أثناء الطاعة

الصبر أثناء عمل الطاعة يكون باستحضار القلب والذّهن وعدم الغفلة فيها، والحرص على الخشوع، وأدائها على الوجه الذي يُرضي الله، وتحقيق أركانها وشروطها وواجباتها، بالإضافة إلى سننها وآدابها، قال -تعالى-: (نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ* الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).[٧][٨]


الصبر بعد الطاعة

يكون الصبر على الطاعة بعدها بالحرص على اجتناب ما يؤدّي إلى إبطالها وإفسادها؛ كالرياء، والمنّ، والسّمعة، والعُجْب، ونحوها من الأمور التي تُحبط الأعمال وثوابها، ويصبر المسلم أيضاً على عدم نشرها وإفشائها للنّاس على سبيل الإعجاب بنفسه، قال -تعالى-: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)،[٩] وقال: (لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى).[١٠][٦]



مواضيع أخرى:

كيف أكون صبوراً؟

كيف يكون الصبر على البلاء؟

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 136، جزء 75. بتصرّف.
  2. سورة مريم، آية:65
  3. عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 74.
  4. سورة الأنعام، آية:162-163
  5. سورة هود، آية:11
  6. ^ أ ب أمة الله بنت عبد المطلب، رفقا بالقوارير، صفحة 321. بتصرّف.
  7. سورة العنكبوت، آية:58-59
  8. محمد الددو الشنقيطي، دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، صفحة 7، جزء 36. بتصرّف.
  9. سورة محمد، آية:33
  10. سورة البقرة، آية:264