تعريف عقد المضاربة

المضاربة لغةً من المفاعلة، وهذا يعني أنّ فيها مشاركةً بين طرفين أو أكثر، وهما: المُضارِب (ربّ المال)، والمُضارَب (العامل بالمال)، ويُسمّى عقد المضاربة بالقراض أيضاً،[١] والمضاربة اصطلاحاً هي عقدٌ يتمّ بين طرفين، يُقدِّمُ أحدهما المال ويتّجر الآخر فيه بشرط أن يكون له جزءٌ شائعٌ من الربح،[٢] وأركان هذا العقد خمسة، وهي:[٣]

  • العاقدان.
  • الصيغة (الإيجاب والقبول).
  • رأس المال.
  • العمل.
  • الربح.


حكم عقد المضاربة

دلّت السنة النبوية الشريفة والإجماع على مشروعية عقد المضاربة في الإسلام، فقد كان النّاس يتعاملون به في الجاهلية، وجاء الإسلام فأقرّه وهذّبه ووضع له الضوابط الشرعية التي تراعي مصلحة الجميع، فقد بُعِث النبي -صلى الله عليه وسلم- والناس يتعاملون به، فأقرّهم على ذلك ولم ينكره عليهم، وهذا يدلّ على مشروعيّته من السنّة النبوية.[١]


أمّا الإجماع فقد أجمع الصحابة -رضوان الله عليهم- على مشروعية المضاربة، وكانوا يتعاملون به، وأجمع العلماء من بعدهم على مشروعيّته كذلك، ولا يُعلم لذلك مخالف، ومن أبرز الحِكم والمقاصد التي شُرِع عقد المضاربة لأجلها ما يأتي:[١]

  • تحقيق مصلحة صاحب المال، فقد لا تكون لديه الخبرة في استثمار أمواله، فبدلاً من بقائها جامدةً فإنّه يستثمرها ويجني منها الربح.
  • تحقيق مصلحة العامل الذي لديه الخبرة في تنمية الأموال ولكنّه لا يجدها، فعزّزت الشريعة إنماء خبرته من خلال إباحة المضاربة التي يجني منها الرّبح أيضاً.
  • تحقيق مصلحة المجتمع الذي ينتفع من إدارة التجارة وتنمية الأموال.


صفة عقد المضاربة

المضاربة عمليَّةٌ ثُنائيَّةٌ تتمّ بين طرفيْن يُقدّم أحدهما المال ويعمل الآخر به، على أن يكون الربح مُقسَّماً عليهما بالنّسب التي يتّفقون عليها،[٤] أمّا من حيث اعتبار عقد المضاربة من العقود اللائمة أو الجائزة فقد تعدّدت في ذلك آراء الفقهاء، وبيانها فيما يأتي:[٥]

  • قول جمهور الفقهاء

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ عقد المضاربة من العقود الجائزة التي تنفسخ بفسخ أحد الطرفين، ولكن اشترط الحنفية لجواز فسخ عقد المضاربة علم الطرف الآخر بذلك، وأن يكون رأس المال وقت الفسخ عيناً من الدراهم أو الدنانير.


  • قول المالكية

قالوا يحقّ لأي طرفٍ أن يفسخ عقد المضاربة قبل الشروع به من حيث شراء السّلع بالمال ونحوها من الأمور الدّالّة على الشروع في المضاربة، فإنْ تمّ الشروع به فلا يحقّ لأحدهما فسخ العقد، لأنّ عقد المضاربة من العقود اللازمة، فيبقى المال في يد العامل إلى حين بيع السلع كاملة.


شروط عقد المضاربة

يتّفق عقد المضاربة مع غيره من عقود المعاوضة بالشروط العامة لصحة انعقاده، كشروط الصيغة والعاقدين، أمّا الشروط الخاصة لصحة عقد المضاربة فهي تتعلّق برأس المال والعمل والربح، وبيانما باختصارٍ فيما يأتي:[٣]

  • الشروط التي تتعلّق برأس المال: وهي أربعةٌ على النحو الآتي:
  • أن يكون رأس المال نقْداً.
  • أن يكون عيْناً في الحال لا ديْناً مؤجَّلاً.
  • أن يكون معلوماً محدَّداً.
  • أن يتم تسليمه إلى المُضارَب حتى يتمكّن من التصرّف فيه.


  • الشروط التي تتعلّق بالربح: وهي أربعةٌ على النحو الآتي:
  • أن يكون الربح لِكلا الطرفين دون أن يختصّ به أحدهما عن الآخر.
  • أن يكون نصيب كل طرفٍ من الربح معلوماً عند التعاقد.
  • أن يكون الربح حصَّةً شائعةً لِكلا الطرفين، بحيث يتّفقان مثلاً على أخذ نصف الربح، أو أخذ ربعه لأحدهما، أمّا تحديده بمبلغٍ معيَّنٍ كخمسين ديناراً مثلاً فلا يصح.
  • يتحمّل كل طرفٍ الخسارة من جنس ما ساهم به، فتكون الخسارة على رب المال من رأس ماله، ولا يتحمّل العامل فيها شيئاً طالما أنّه لم يُخالف الشروط ولم يُقصّر في عمله، ويتحمّل العامل الخسارة من عمله، وهي ضياع وقته وجهده دون مردودٍ على ذلك.


  • الشروط التي تتعلّق بالعمل: وهما شرطان على النحو الآتي:
  • اشترط جمهور الفقهاء أن يكون العمل من المُضارَب "العامل" فقط، فلا يصحّ أن يشترط رب المال مشاركته في العمل معه، وإنْ فعل فسدت المضاربة بهذا الشرط، بينما أجاز الحنابلة ذلك.
  • اشترط جمهور الفقهاء أيضاً أن لا يُضيّق ربّ المال على العامل، فالربح هو الهدف المقصود من المضاربة، والتضييق على العامل في عمله يُنافي ذلك فيُفسِد العقد.

المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 3، جزء 204. بتصرّف.
  2. دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 322، جزء 14. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "عقد المضاربة : تعريفه وشروط صحته"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 27/8/2023. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 1055، جزء 13. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 38، جزء 38. بتصرّف.