صفات المتطوّع
معلومٌ أنّ العمل التطوّعي من أجلّ الأعمال التي يُثاب عليها المسلم من الله -تعالى- ثواباً عظيماً، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).[١]
ونذكر أبرز صفات المتطوّع فيما يأتي:
الجدية والمصداقية
إنّ الجدّية والمصداقية من الصفات المهمّة التي تُكسب العمل التطوّعي نفعاً وخيراً كبيراً، وتتمثّل في الإخلاص والشعور بالسعادة عند القيام بخدمة الآخرين وتحقيق النّفع لهم وسدّ احتياجاتهم، كما تتمثّل بالإيثار وتجنّب الكسل والقعود عن فعل الخير، ومثال ذلك ما فعله المفطرون في الأسفار بعهد النبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فقد خدموا الصائمين خدمةً صادقة، وسدّوا حاجتهم، فقال عنهم النبيّ الكريم: (ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليومَ بالأجْرِ).[٢][٣]
التعاون والتآزر
العمل الخيري يُمكن أن يكون فردياً ويمكن أن يكون جماعياً، وأغلب الأعمال التّطوعية جماعية، وهو ما يُعطي العمل التطوعيّ أثراً ونفعاً أكبر، وهذا يعني أن يتّصف الجميع بالتآلف والنّظام والتّشاركية والتعرّف، بالإضافة إلى الانخراط في فريقٍ منظّم له برنامج واضح، ولا مكان فيه للاحتكار أو الاستئثار، وصدق الله -تعالى- إذ يقول: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).[٤][٣]
القوة والأمانة
إنّ من أهمّ الصفات التي يجب توفّرها في المتطوّع هي القوة والأمانة، والقوة هنا تعني الكفاءة في العمل والقدرة على تحمّل المسؤولية وأداء المهام، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ)،[٥] أمّا الأمانة فهي من الصفات الأساسية التي تجعل المتطوّع يشعر بعِظم المسؤولية الموكلة إليه، فيصون حقوق النّاس، ويستعمل المال المتبرَّع في مكانه ولا يُضيّعه.[٦]
التفاني والتضحية
إنّ حبّ خدمة النّاس وإنقاذهم والإحسان إليهم يدخل ضمناً في صفة التضحية والتفاني الصادق، فعلى المتطوّع أن يكون مستعداً ومتأهِّباً خاصة في الأعمال الحركية والإسعافات الخدمية التي تحصل فيما ينجم عن الكوارث؛ كالسيول، والزلازل، ونحوها من الأحداث التي تتطلّب عدم التهيّب والاستعداد للتضحية عند الشباب الباذل.
الرحمة والشفقة
معلومٌ أن المتطوّع سيتعامل مع العديد من النّاس الذين يحتاجون إلى مَن يرفق بهم، ويسدّ عثراتهم، ويُخفّف أثقالهم، فلا بدّ أن يتحلّى بالأخلاق الحسنة الكريمة واللّطف والتودّد في التعامل معهم، لأنّ ذلك سيجبر خواطرهم ويترك أثراً كبيراً في نفوسهم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأمْرِ كُلِّهِ).[٧]
أمثلة على الأعمال التطوعية
تتعدّد أشكال العمل التطوّي، فتشمل جميع أعمال الخير التي ينتفع منها العِباد، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:[٨]
- تقديم الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة.
- التطوع في معالجة المرضى الفقراء.
- تعليم الأفراد وتدريسهم، وخاصة في مجال محو الأميّة.
- قضاء ديون الغارمين المثقلين.
- مساعدة الفقير صاحب العيال وتأمين احتياجاتهم.
- كفالة الأيتام ورعايتهم.
- حملات جمع التبرّعات والصدقات ومساعدة المحتاجين.
والعمل التّطوعي ميدانه واسع، ولا يقتصر على الموسرين والأغنياء، حيث يمكن لعامّة النّاس الإسهام في أعمال تطوعية كثيرة لا يشترط فيها إنفاق المال، مثل: المشاركة في تنظيف الساحات العامّة، وصيانة المساجد والمدارس، والإسهام في زراعة الزهور والنباتات في الحدائق، وغير ذلك.
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2699، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2890، صحيح.
- ^ أ ب د. حمزة الفتحي، "صفات العنصر التطوعي"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة العصر، آية:3
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2664، صحيح.
- ↑ دكتورة ميادة الحسن، العمل الاجتماعي التطوعي، صفحة 188-189. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6927، صحيح.
- ↑ دكتورة مسادة الحسن، العمل الاجتماعي التطوعي، صفحة 168. بتصرّف.