شروط صيغة الوقف

يعد الوقف من أفضل أنواع الصدقات التي رغب بها الإسلام؛ إذ إن الأجر المترتب عليه لا ينقطع حتى بعد الوفاة، ونستشهد على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" ^[١]، والوقف من الأحكام والعقود الإسلامية التي تشترط لصحتها وتمامها مجموعة من الشروط والأركان، ومن تلك الأركان وجود صيغة للوقف وهي القول أو الفعل المصدق للنية والذي يحمل معنى الوقف، وسنعرض في هذا المقال الشروط التي يجب توافرها في صيغة الوقف ليكون الوقف صحيحًا ومقبولًا.^[٢]

ما شروط صيغة الوقف؟

1. التأبيد

يشترط في صيغة الوقف ألا تكون محددة بفترة زمنية معينة، إذ إن الوقف في أصله نقل للملكية من الواقف إلى الموقوف عليه سواء أكان فردًا أم جهة معينة، ولمّا كان الوقف نقلًا للملكية كان التأبيد شرطًا أساسيًّا لصحته، فلا يصح أن يبيع أحد سيارته لمدة سنة أو سنتين، كذلك الأمر بالنسبة للوقف، فلا يجوز أن يقول أحد في صيغة الوقف: وقت بيتي لمدة كذا.^[٣]

2. التنجيز

أي التنفيذ المباشر للوقف دون تعليق تنفيذه على حدوث شيء، فكما قلنا الوقف هو نقل للملكية ولا يجوز الاشتراط في ذلك، كأن يقول: بيتي وقف إذا عاد ابني من السفر، أو يعلق الوقف بأي أمر قد يحدث وقد لا يحدث، ويستثنى من ذلك تعليق الوقف على الموت، كأن يقول أحد: بيتي وقف للفقراء بعد مماتي، ويكون تنفيذ هذا الوقف لازمًا بعد الموت دون إذن الورثة بشرط ألا يزيد عن ثلث التركة؛ لأنه يخضع عندها لأحكام الوصية، ودليل جواز تعليق الوقف بالموت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه علق وقف أرض له على موته، بقوله: "هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث أن ثَمْغاً صدقة" والحدث يقصد به الموت، أما ثمغ فهي أرض له رضي الله عنه.^[٤]

3. الإلزام

إذ لا يصح تعليق الوقف بشرط الاختيار، كأن يقول: بيتي وقف ومتى شئت رجعت عن ذلك، فهذا مخالف للحكمة من الوقف، إذ يجب أن يكون الوقف مقترنًا بالإلزام، فالواقف ينقل ملكية الوقف منه إلى وجوه الخير، وبالتالي لا يجوز له أن يجعله مشروطًا بإرادته ومشيئته.^[٤]

4. عدم اشتراط شرط باطل

فلا يصح الوقف ولا تصح الصيغة إذا اشترط الواقف شرطًا مخالفًا لأحكام الوقف أو منافيًا للأصل منه؛ كأن يشترط ألا يخرج الوقف عن ملكه، أو غيره من الشروط التي تضر بمصلحة الموقوف عليه وتقيد الانتفاع بالموقوف.^[٤]

5. تحديد الموقوف عليه

يشترط في صيغة الوقف عند الشافعية أن تبين الموقوف عليه وتحدده بشخص كزيد، أو مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون في صفة معينة كالفقراء، أو جهة خيرية معينة كمستشفى أو مدرسة وما إلى ذلك.^[٤]