احترام الكبير في الإسلام

جعل الله -تعالى- احترام الكبير والرّحمة به من إجلاله -سبحانه-، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكْرامَ ذي الشَّيبةِ المسلِمِ)،[١] فالإنسان في هذا العمر أحوج ما يكون إلى الرّعاية والعطف والاهتمام والتقدير، لِذا توالت النّصوص الشرعية بالحثّ على أهميّة الاهتمام بكبار السنّ والرفق بهم وتقدير مشاعرهم، بالإضافة إلى احترام حقّ الكبير على وجه العموم، ونذكر أبرز مظاهر احترام الإسلام للكبار وتقدير مشاعرهم والإحسان إليهم فيما يأتي:[٢]

  • أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الصغير أن يبدأ بالسلام على الكبير،[٣] ووجّه الصغير أنْ لا يتكلّم في أمرٍ دون الكبير، فقال -عليه الصلاة والسلام- لأحد صغار الصحابة عندما بدأ بالكلام: (كَبِّرِ الكُبْرَ -قالَ يَحْيَى: يَعْنِي: لِيَلِيَ الكَلامَ الأكْبَرُ-).[٤]
  • استثنى الإسلام كبار السنّ من القتل في الحروب حتى وإن كانوا من الأعداء المحاربين، فقد كان من وصايا النبيّ الكريم لجنوده قبل كلّ معركة أن يتجنّبوا قتل كبار السنّ.
  • راعى الإسلام حاجة المسنّين، فأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الإمام بتخفيف الصلاة إن كان بالمأمومين الكِبار؛ تيسيراً عليهم ورِفقاً بهم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ؛ فإنَّ منهمُ الضَّعِيفَ والسَّقِيمَ والكَبِيرَ).[٥]
  • خفّف الإسلام عن المسنّين في الصيام، فكان من الرُّخص لكبير السنّ إذا عجز عن الصيام أن يُفطر، ويكفي إطعام مسكين عن كلّ يومٍ أفطره.
  • رخّص الدّين الحنيف لكبير السنّ إنابة مَن يحجّ عنه.


نصوص شرعية عن أهمية احترام الكبير

من النصوص الشرعية التي تدلّ على أهمية احترام الكبير في الإسلام ما يأتي:[٦]

  • قال الله -تعالى- في الإحسان إلى الوالدين: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).[٧]
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منَّا مَن لم يُوقِّرِ الكبيرَ، ويرحَمِ الصَّغيرَ، ويأمُرْ بالمعروفِ، ويَنْهَ عن المنكَرِ).[٨]
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكْرامَ ذي الشَّيبةِ المسلِمِ).[١]
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (لِيَلِنِي مِنكُمْ أُولو الأحْلامِ والنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلاثًا، وإيَّاكُمْ وهَيْشاتِ الأسْواقِ)،[٩] وفي هذا الحديث النبويّ الشريف يوجّه النبي الكريم بتقديم كبار السنّ والبالغين بعد الإمام في الصلاة احتراماً لهم.
  • أخرج مسلم في صحيحه ما قاله سمرة بن جندب -رضي الله عنه-: (لقَدْ كُنْتُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ غُلَامًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عنْه، فَما يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلَّا أنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي).[١٠]


حقوق كبار السنّ في الإسلام

أمر الله -تعالى- ونبيّه الكريم بأداء حقوق الكِبار والإحسان في التعامل معهم، وهذا إن دلّ على شيءٍ فهو يدلّ على أهمية احترام الكبير في الإسلام، ومن أبرز حقوق الكبير في الإسلام ما يأتي:[١١]

  • التوقير والاحترام والتّواضع معهم، حيث يقول النبي الكريم: (ليس منَّا مَن لم يُوقِّرِ الكبيرَ ...)،[٨] وفي قوله: "ليس منّا" مبالغة في التحذير من عدم احترام وتقدير الكبير.
  • التّوسعة له في المجلس إذا أمكن ذلك، سواءً كان كبيراً في السنّ، أو مقامه عظيمٌ في العلم، أو كان كبير قومه.
  • الرّفق بكبار السنّ، والشفقة عليهم، وإكرامهم، وفعل هذا الأمر هو من كمال تعظيم الله -عز وجل-.
  • التأدّب بين أيدي الكِبار، والحياء منهم، ويظهر هذا الخلق النبيل في فعل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، فقد قال النبيّ الكريم للصحابة: (أَخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ مَثَلُها مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإذْنِ رَبِّها، ولا تَحُتُّ ورَقَها فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وثَمَّ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّما، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هي النَّخْلَةُ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مع أبِي قُلتُ: يا أبَتاهُ، وقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، قالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَقُولَها، لو كُنْتَ قُلْتَها كانَ أحَبَّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا، قالَ: ما مَنَعَنِي إلَّا أنِّي لَمْ أرَكَ ولا أبا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُما فَكَرِهْتُ).[١٢]
  • إجابة دعوة الكبير، ونُصحِهِ إذا طلب النّصيحة، وتشميته إذا عطس، وزيارته إذا مرِض، واتّباع جنازته إلى مات، وكفّ الأذى عنه.
  • الحرص على رعايتهم، وستر عوراتهم، وقضاء حوائجهم، وكشف كرباتهم.

المراجع

  1. ^ أ ب رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:4843، حسنه الألباني.
  2. سليمان العودة، شعاع من المحراب، صفحة 188-190، جزء 6. بتصرّف.
  3. ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 4، جزء 145. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج، الصفحة أو الرقم:6142، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:703، صحيح.
  6. حسان العماري، "احترام الكبير في الإسلام"، الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 19/1/2023. بتصرّف.
  7. سورة الإسراء، آية:23-24
  8. ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:458، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:432، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:964، صحيح.
  11. محمد سعيد رسلان، رعاية المسنّين وحماية حقوقهم في الإسلام، صفحة 23-39. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6144، صحيح.