من شروط ولي النكاح

إن النكاح عقد كغيره من العقود يسلتزم شروطًا لصحته، ويكون العقد بين رجل وامرأة وجب عليهما الالتزام بالشروط المحددة لإتمام العقد، ومن أهم الشروط الواجب توافرها في عقد النكاح هو الولي أي ولي المرأة، والذي يجب أن تتوافر فيه أيضًا شروط ليكون له الحق في أن يكون وليها في إتمام العقد، وإذا اختل أي شرط من شروط الولي فسد العقد، وفي هذا المقال سنبين شروط الولي في عقد النكاح.

من شروط ولي النكاح

لا يمكن للمرأة أن تُنكِح نفسها، بل لا بد من أن يسمح بذلك غيرها، وهو الولي عليها، وقد اشترط الفقهاء على الراجح من أقوالهم خمسة شروط في ولي عقد النكاح، وهي كالآتي:

1. أن يكون الولي مكلفًا

ويقصد بذلك أن يكون الولي قد بلغ سن الرشد؛ لأن البلوغ يقتضي بالضرورة اكتمال العقل، فلا يجوز أن يكون ولي النكاح طفلًا أو صبيًا مميزًا أو غير مميز، كما يجب أن يكون عاقلًا فلا يجوز لولي النكاح أن يكون مجنونًا لأنه فاقد للعقل، كما لا يجوز أن يكون معتوهًا لأنه ناقص العقل أيضًا، وإن تصرف الولي يقتضي توفّر التمييز والعقل.^[١]

2. أن يكون الولي راشدًا

أي أن يكون قادرًا على معرفة مصالح الزواج، والزوج المناسب الكفء، فلا يصح أن يكون السفيه والمغفّل وليًا؛ لعدم إدراكه مصالح الزواج ولاحتمال ضياع مصالح الزوجة.^[٢]

3. أن يكون الولي حرًّا

اتفق الفقهاء بمذاهبهم الأربعة على اشتراط الحرية في ولي النكاح؛ لأن العبد لا يمكن أن يكون مستقلًّا في ولايته على نفسه، فكيف على غيره.^[٣]

4. أن يكون الولي عدلًا

ويعني ذلك أن يكون الولي عدلًا فيما يظهر للناس، إذ يجب أن تظهر عليه الاستقامة والمروءة والدين.^[٤]

5. أن تكون المرأة والولي على دين واحد

يجب أن يكون الولي والمرأة على دين واحد، فإن كانت المرأة مسلمة وجب أن يكون وليها مسلمًا، أما لو كان الولي من غير دين المرأة تنقطع ولايته، فلا ولاية لمسلم على كافرة ولا ولاية لكافر على مسلمة، لقوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ".^[٥][٦]

من هو ولي المرأة؟

غالبًا ما يكون الولي على المرأة هو أبوها في حال كان على قيد الحياة وغير مسافر، أما إذا كان متوفيًا أو مسافرًا فيكون الولي هو الجد والد الأب، وبعده الابن، وبعده أخوها الشقيق ثم أخوها من الأب، وبعدهما أبناؤهما، ثم عمها شقيق أبيها ثم عمها أخو أبيها من الأب، ثم أبناؤهما، ثم الأقرب إليها في النسب كما هو الحال في الإرث، وفي حال عدم وجود الولي يمكن للقاضي تزويجها.^[٧]

عضل الولي

قال تعالى: "فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ"،^[٨] تؤكد الآية السابقة على أن الولي شرط من شروط عقد النكاح للمرأة البكر والثيب، لأنه لو لم يكن كذلك لما كان لعضله أثر، كما تؤكد الآية الكريمة على أن عضل الولي لموليته أي منعها من الزواج أمر محرّم؛ فليس للولي منعها من زواجها من الرجل الكفء الذي رضيت به زوجًا لها، لذا على الولي أن يزوج موليته من الرجل الكفء إذا كانت قد رضيت به، وإلا كان الولي عاضلًا، وعضلها يقصد به منعها من الزواج من الخاطب الكفء إذا رضيا ببعضهما كل من موليته والخاطب، في حين أن الولي لا يعد عاضلًا في حال رفضه تزويج المولية من خاطب غير كفء حتى لو رضيت به ورضي بها، إذ إن الأصل في الولي حرصه على مصلحة الزواج ومصلحة موليته، فلا يرفض الخاطب إلا لأسباب تستدعي الرفض، فإذا كانت الأسباب تستدعي الرفض لم يكن عاضلًا، لذا وجب التأني في الحكم عليه بأنه عاضل لمجرد رفضه للخاطب، ولأهمية النكاح ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن الولاية في حال العضل لا تنتقل للولي الأبعد، وإنما تنتقل للسلطان أي القاضي فيزوجها، وإذا امتنع عن تزويجها انتقلت الولاية لغيره، والبعض الآخر من الفقهاء ذهبوا إلى القول بأن العضل لا يكون ثابتًا إلا عند تكراره ثلاث مرات.^[٩]

تزويج المرأة لنفسها

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امرأةٍ نَكحت بغيرِ إذنِ وليِّها فنِكاحُها باطلٌ باطلٌ باطلٌ"،^[١٠] ومن الحديث الشريف نستنتج أن نكاح المرأة يكون باطلًا إذا زوجت نفسها دون وليها؛ لأن ذلك شبيه بالزنا، كما أن المرأة أقل دراية من الرجل بأطباع الرجال وأحوالهم، وعليه كان في اشتراط الولي حفظ لها ولنفسها من أن تكون رخيصة أو سهلة بسبب اختيارها الخاطئ للرجل غير الكفء والذي قد يكلفها الكثير، ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن تحديد الشرع للشروط التي يجب توفرها في الولي على المرأة سدت احتمال أن يكون هذا الولي متسلطًا عليها أو مانعًا لها من الزواج أو قليل العقل أو الدين، وفي حال اختلال أي شرط من الشروط الخمسة المذكورة في المقال فإنه لا يصلح أن يكون وليًّا عليها، وهذا يضمن حق المرأة في أن يكون لها ولي قادر على تقدير مصلحتها بعين المنطق.^[١١]