أعطى الإسلام الوالدين مكانة عالية؛ لما لهما من فضل في إنجاب الأولاد وتربيتهم، لدرجة أن الله عز وجل قرن عبادته بالإحسان إليهما، وذلك في قوله تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" [١]، وبذلك جاء الأمر بالإحسان إلى الوالدين بعد الأمر بعبادة الله مباشرة، وإن أحد أشكال الإحسان إلى الوالدين طاعتهما، ولكن مفهوم الطاعة قد لا يكون واضحًا لدى بعض الأبناء، فيظن أن الطاعة واجبة في الأمور كلها، لكنها في الحقيقة تكون واجبة في حالات وغير واجبة في حالات أخرى، وسنبين تلك الحالات المختلفة في هذا المقال.
1. طاعة الوالدين في ترك الواجبات
إن طاعة الابن لوالديه غير جائزة عند أمر أحدهما أو كليهما بترك واجب كالصلاة المفروضة أو صلة الرحم أو أي أمر مفروض أو واجب، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومن غير المنطقي أن يطيع الابن والديه في أمر كهذا، بل يجب عليه الثبات على موقفه ومناقشتهما بالأسلوب الحسن والكلام اللين، ومن الخطأ الفادح في هذه الحالات أن يصبح الابن عاقًّا لوالديه، بل يجب عليه برهما والإحسان إليهما دون طاعتهما في عمل منكر أو ترك واجب. [٢]
2. طاعة الوالدين في ترك المستحبات
قد يطلب أحد الوالدين من الابن أو الابنة ترك أمر مستحب كالسنن الرواتب أو صيام نوافل مرة واحدة لظرف معين، كمهمة مستعجلة أو دعوة مهمة على وليمة، وفي هذه الحالة تكون علة الطلب أمرًا طارئًا لذلك تجوز فيه الطاعة، أما إذا كان الأمر بترك المستحبات كلها على الإطلاق فعندها تكون الطاعة غير واجبة؛ لأن فيها إماتة لشعائر الله دون وجود علة. [٣]
3. طاعة الوالدين في المشتبهات
قد يأمر الوالدان ببعض الأعمال غير المحرمة تحريمًا مباشرًا ولكنها قد تؤدي إلى عرقلة الطاعة وتسمى هذه الأوامر بالمشتبهات، كأن يأمر الوالد ابنه بالسهر لعلة ما قد تعيقه عن الاستيقاظ لصلاة الفجر، وعندها تكون الطاعة أولى من الترك؛ لأن ترك المشتبهات ورع بينما طاعة الوالدين واجبة. [٤]
4. طاعة الوالدين في المباحات
إن المباحات كثيرة ومتنوعة، منها ما يرغب الابن بفعله ومنها ما لا يرغب به، ومنها ما يجب على الابن ومنها ما لا يجب؛ ففي حال طلب أحد الوالدين من الابن أن يطلق زوجته ومن البنت أن تترك زوجها دون علة تكون الطاعة غير جائزة لأن فيها مفسدة، وفي حال طلب الانتهاء عن تناول نوع من الطعام فالخيار للابن ما لم يكن فيه ضرر، وفي حال الأمر بصرف نفقة أو إعطاء المال للوالدين فيجب على الابن أن يتكفل بذلك، خصوصًا إذا كان الوالدان بحاجة للمال، أما إذا لم يكونا بحاجته فيجب إعطاؤهما ما لم يؤثر ذلك في نفقة الابن على نفسه وزوجته وأبنائه. [٥][٢]
المراجع
- ↑ سورة الإسراء، آية:23
- ^ أ ب "كيف تتعامل مع والديك؟"، موقع الشيخ محمد صالح المنجد. بتصرّف.
- ↑ "ضوابط وجوب طاعة الوالدين"، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ "طاعة الوالدين في المشتبهات.. رؤية شرعية"، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ "متى تجب طاعة الوالدين؟"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.