اهتم الإسلام بحفظ النسل وتطور الحياة الإنسانية والمجتمعات، لذلك فإنه يعد النكاح من أهم الأمور التي تحفظ الحياة الإنسانية وتضمن بقاء البشر على الأرض بأرقى شكل ممكن، كما أن الإسلام اهتم بحفظ الإنسان من الفتن والفحشاء فحث على الزواج، بل وضع أيضًا الأركان والشروط التي تنظم هذا الزواج، فبين الإسلام للمسلمين أن الزواج يقوم على وجود الرحمة والمودة بين الزوجين، وأنه يُبنى على هذا الأساس، كما أمر الإسلام بالإحسان إلى الزوجات والتعامل معهن بطريقة طيبة ولطيفة، ومقابل ذلك فقد أمر الإسلام الزوجات بطاعة أزواجهن والتعاون معهم في أمور الحياة، وهذا كله من أجل عمارة الأرض التي هي السبب في وجود الإنسان عليها، وفي مقالنا هذا سنوضح القليل عن عقد الزواج وأركانه والذي يعرف أيضًا بعقد النكاح.


أركان وشروط عقد النكاح

عقد النكاح هو عقد بين رجل وامرأة بشكل مشروع وبأركان وشروط شرعية، والركن هو ما لا يقوم العقد إلا به، أما الشرط فهو ما لا يتحقق الحكم الشرعي للعقد إلا به.

الركن لغةً كلمة مفردة جمعها أركان، وهو الجانب الأقوى من الشيء، ونقول ركَن إلى الشَّيء أو ركَن على الشَّيء أي مال إليه واعتمد عليه، واستند إليه ووثِق به، أما الركن في الاصطلاح الشرعي فهو الأمر الذي لا يقوم الحكم ولا ينعقد ولا يصح إلا بوجوده، مثل أركان الصلاة من القعود والركوع والسجود، ومثل ذلك عقد النكاح الذي لا يتم إلا بوجود الأركان، وفي حال عدم اكتمال هذه الأركان لا يكون الزواج صحيحًا. [١]

الشرط مفرد وجمعها شروط، والشَّرْطُ في الفقه ما لا يتم الشيءُ إلا به، ولا يكون داخلًا في حقيقته، أما الشرط في الاصطلاح فهو ما يتوقف الحكم الشرعي على وجوده، وفي حال عدم وجود الشرط فلا يوجد حكم، إذ يلزم من وجود الشرط وجود حكم، ومن عدم وجوده عدم وجود حكم. [٢][٣]


أركان عقد النكاح

تعد الأركان أمرًا مهمًّا في عقد النكاح، ودون وجود أي ركن من هذه الأركان لا يتم عقد النكاح، وأركان عقد النكاح ثلاثة، وفيما يلي تفصيل لكل ركن من هذه الأركان التي لا يصح عقد النكاح إلا بها: [١]


1. وجود زوجين لا يمنعهما شيء من النكاح

إذ يجب ألا يكون بينهما أي مانع شرعي يؤثر على صحة عقد النكاح، إذ يجب ألا تكون الزوجة من النساء اللواتي يحرمن على الزوج بالنسب، كالأخت والعمة والخالة، وألا تكون الزوجة في فترة العدة، أي معتدة بسبب موت زوجها السابق أو بسبب طلاق، كما أن من موانع زواج أي شخصين أن يكون الزوج كافرًا ولكن الزوجة مسلمة، وغيرها الكثير من الموانع.


2. الحصول على الإيجاب من ولي أمر الزوجة

إذ تجب الموافقة من ولي أمر الزوجة أو من ينوب عنه، ويشترط أن يقول ولي الأمر: (زوجتك ابنتي أو أختي)، وقد سمي هذا بالإيجاب لأن العقد لا يوجب إلا به، وإن من يقوم مقام الأب أو من ينوب عنه يسمى وكيلًا أو وصيًّا، فالوكيل هو الذي يقوم بمقام الأب في حياته، إذ يقول له الأب: وكلتك بزواج ابنتي، أما الوصي فهو الذي أخذ الإذن بالتصرف بدلًا من الأب بعد موته، وهو يقوم مقام الولي عند بعض العلماء، ولا يجوز للولي أن يوصي أحدًا بأن يزوجه ابنته بعد وفاته؛ لأن الولاية تنتقل لغيره شرعًا فلا تجوز الوصية.


3. حصول القبول من الزوج

وهو اللفظ الذي يصدر من الزوج أو من ينوب مكانه، إذ يقول: قبلت هذا النكاح أو هذا الزواج، وفي حال كان الزوج أو ولي الأمر أخرس فيتم الإيجاب والقبول بالإشارة أو الكتابة.


شروط عقد النكاح

لا بد هنا من التفريق بين شروط النكاح والشروط في النكاح؛ بالنسبة لشروط النكاح هي قيود وضعها الشارع، أما بالنسبة للشروط في النكاح فالمقصود بها الشروط التي توضع في العقد من الزوجين أو أحدهما، كما أن شروط النكاح تتوقف عليها صحة النكاح، بينما الشروط في النكاح وجودها أو عدم وجودها لا يؤثر على عقد النكاح، ولكن يجب الوفاء بالشروط التي توضع في عقد النكاح من جهة الزوجين أو أحدهما، فقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" [٤]، أما شروط عقد النكاح فهي أربعة شروط، وفيما يأتي تفصيل لها: [١]

  1. تعيين الزوجين.
  2. رضا كل من الزوجين، فلا يكون أحدهما مكرهًا أو مجبرًا على الزواج من الآخر.
  3. أن يعقد على المرأة وليها، فلا تقوم المرأة بالعقد على نفسها.
  4. الشهادة على عقد النكاح، إذ يشهد على عقد الزواج رجلان مكلفان بالغان عاقلان.


المراجع

  1. ^ أ ب ت النكاح/ "أركان عقد النكاح وشروطه"، الالوكة. بتصرّف.
  2. "تعريف و معنى الشرط في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني.
  3. محمد مصطفى الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه الاسلامي، صفحة 403. بتصرّف.
  4. سورة المائدة، آية:1