عند التطرق لموضوع بر الوالدين أو البحث عنه، فإن أول ما يقال في ذلك هو أن الله عز وجل قرن عبادته بالإحسان إلى الوالدين وطاعتهما بالمعروف، وذلك في الآيتين 23 و24 من سورة الإسراء: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" [١]، ودائمًا ما تُذكر هاتين الآيتين في سياق التأكيد على أهمية بر الوالدين، لكننا في هذا المقال سنعرضهما لمناقشة أسباب إقران عبادة الله بطاعة الوالدين. [٢]


1. أحب الأعمال إلى الله

يعد بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله عز وجل بعد الصلاة على وقتها، لدرجة أنه أحب من الجهاد في سبيل الله، وقد استدللنا على ذلك من الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي" [٣]، وبذلك يكون إقران الله عز وجل بين عبادته والإحسان إلى الوالدين له سبب واضح؛ وهو أن بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله. [٤]


2. أحق الناس بحسن الصحبة

إن أحق الناس وأولاهم بحسن الصحبة والعشرة هما الوالدان، كيف لا وهما السبب في وجود الإنسان بعد الله عز وجل، وقد بذلا جهدًا كبيرًا من أجل أن يكون في أحسن حال، وقد استدللنا على ذلك من الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ" [٥]، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أنه لا خير في من يحسن معاملة أصحابه وأصدقائه ولا يفعل ذلك مع والديه. [٤]


3. أثر البر في حياة الإنسان

كما أن لعبادة الله وحده أثرًا كبيرًا في حياة الإنسان ينعكس على أعماله وسلوكه، فإن لبر الوالدين آثارًا عديدة يراها الإنسان ويلمسها في حياته، ومنها ما رواه أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سرَّه أن يُمدَّ له في عمرِه ويُزادَ في رِزقِه فليبَرَّ والدَيْه وليصِلْ رحِمَه" [٦]، وفي ذلك ذكر لأثر مهم يعكسه البر في الحياة وهو البركة في الرزق والعمر، كما أننا نلحظ انشراح الصدر والراحة على الأشخاص البارين بوالديهم، كيف لا والبر طاعة، والطاعة تجلب الراحة، لذلك فإن من يشعر بضيق الصدر والعيش عليه أن يزيد من حرصه على بر والديه. [٧]


المراجع

  1. سورة الإسراء، آية:23-24
  2. "بر الوالدين"، موقع الشيخ محمد صالح المنجد . بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:85.
  4. ^ أ ب "بر الوالدين"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5971.
  6. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3/293.
  7. "فضل بر الوالدين"، طريق الإسلام. بتصرّف.