ما هي كفارة الظهار؟

أوضحت نصوص الشريعة القرآن والسنة وجوب الكفارة على من ظاهر زوجته؛ وهي فعل أحد ثلاثة أمور على التريتب؛ عتق رقبة، ثم صيام شهرين متتابعين لمن لم يجد الرقبة، ثم إطعام ستين مسكيناً لمن لم يجد الرقبة ولم يقدر على الصيام، وقد جاءت كفارة الكفارة مرتبة؛ حيث لا ينتقل الزوج المظاهر عن الأمر بين هذه الأمور الثلاثة إلا عند العجز عن التي قبلها.[١]


أدلة كفارة الظهار

بيّن الله -تعالى- كفارة الظهار في كتابه في سورة المجادلة فقال: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).[٢]


وما ثبت من حديث الصحابية خولة بنت مالك عندما شكت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن زوجها أوس بن الصامت ظاهر منها ونزل الآيات فيها، فقالت: (ظاهرَ منِّي زَوجي أوسُ بنُ الصَّامتِ فَجِئْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أشكو إِليهِ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يجادِلُني فيهِ ويقولُ اتَّقي اللَّهَ فإنَّهُ ابنُ عمِّكِ فما بَرِحْتُ حتَّى نزلَ القرآنُ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا إلى الفَرضِ فقالَ يُعتِقُ رقَبةً قالَت لا يَجِدُ قالَ فيَصومُ شَهْرينِ مُتَتابِعَينِ قالَتْ يا رسولَ اللَّهِ إنَّهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ مِن صيامٍ قالَ فَليُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا...).[٣]


مسائل متعلقة بكفارة الظهار

آتيا بيان أهم الأحكام والمسائل المتعلقة بكفارة الظهار:[٤]


الإعتاق

يشترط أن تكون الرقبة سالمة من العيوب، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، وذُكرت الرقبة التي يجب عتقها في الكفارة الظهار مطلقة؛ حيث لم يتم تقييدها بلفظة مؤمنة، كما في كفارات أخرى، وبناءً على ذلك فقد اختلف الفقهاء في اشتراط الإيمان في الرقبة على قوليْن:[٥]

  • الحنفية: قالوا أن الرقبة تبقى على إطلاقها؛ فيجزئ عتق رقبة كافرة أو مؤمنة في كفارة الظهار.
  • الجمهور: قالوا باشترط أن تكون الرقبة مؤمنة، فيجب تقييد الرقبة في كفارة الظهار بالمؤمنة، فلا يجزئ عتق رقبة كافرة، حملاً للمطلق على المقيد حيث قيّدت الرقبة بالمؤمنة في كفارة القتل؛ فقال -تعالى-: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)،[٦] فسبب الكفارتين محرّم؛ الظهار والقتل الخطأ.


الصيام

أجمع الفقهاء على اشتراط التتابع في صيام الشهرين؛ فيوالي في صيام أيام الشهرين ولا يفطر، فإن قطع التتابع بأن أفطر يوم، وجب عليه البدء من جديد، ويعتبر الصيام بالأشهر الهجرية، سواء كان تام؛ بمجيء الشهر ثلاثين يوماً، أو ناقصاً؛ بمجيء الشهر تسعة وعشرين يوماً، حيث يعتبر الصيام بالهلال لا بعدد الأيام، فإن بدأ الصيام من أول رجب إلى نهاية شعبان، وكانا تسعة وعشرين يوماً، أو كانا ثلاثين يوماً، أو كان أحدهما ثلاثين والآخر تسعة وعشرين، فإنه يكون قد صام شهرين متتابعين في هذه الصور الثلاث.[٧]


وقال الجمهور إن صام في أثناء الشهر، فإنه يكمل صيام الأيام من الشهر، وصيام الشهر الذي بعده كاملاً معتمداً على الهلال؛ ثم يصوم الأيام التي لم يصمها من الشهر الأول، ويكملها إلى الثلاثين، خلافاً للحنفية الذين قالوا أنه يجب عليه صيام ستين يوماً إن بدأ صيامه من أثناء الشهر.[٧]


الإطعام

أجمع أهل العلم إن عجز المظاهر عن الإعتاق والصيام وجب عليه أن ينتقل إلى الإطعام؛ فيطعم ستين مسكيناً، وقال الحنفية يعطي لكل مسكين نصف صاع من القمح، أو صاع من التمر أو الشعير، والصاع يساوي (2751 غم)، وقال المالكية يعطى المسكين الواحد مُدّ وثلثان من القمح، وقال الشافعية والحنابلة بإعطاء كل مسكين مُدّ من القمح أو نصف صاع من التمر أو الشعير، والمدّ يساوي (675 غم)، وأجاز الحنفية إخراج قيمة الإطعام نقوداً خلافاً للجمهور.[٨]



مواضيع أخرى:

ما معنى الظهار؟

ما هو اللعان؟


المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 136. بتصرّف.
  2. سورة المجادلة، آية:3-4
  3. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن خولة بنت مالك بن ثعلبة ويقال لها خويلة، الصفحة أو الرقم:2214، حديث حسن.
  4. محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 10-11. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7150. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية:92
  7. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7151-7152. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7154-7157. بتصرّف.