ما هو اللعان؟

اللعان والملاعنة في اللغة مصدر من الفعل لعن لاعن، وتعني الطرد والإبعاد عن رحمة الله -تعالى-، ويقصد باللعان في الشرع أنه شهادات مؤكدات بأيمان من الزوجين، تقترن باللعن والغضب، تكون في حالة مخصوصة، وهي عندما يقذف الزوج زوجته بالزنا، أو يدّعي أن رجلاً زنى بها، أو أن ولد امرأته ليس منه، ولم يكن عنده بينةٌ ودليلٌ لثبوت ذلك، وتُنكر الزوجة هذه الدعوى، فتحصل الملاعنة بينهما ويُلجأ إلى قول هذه الشهادات المؤكدات بالأيمان، ثم يحصل بينهما الفرقة، فتكون الشهادات مقام حدّ القذف في حق الزوج، ومقام حدّ الزنا في حق الزوجة.[١][٢]


وقد سمّي اللعان بذلك لأن الرجل يحلف في آخر الشهادات باللعن على نفسه إن كان من الكاذبين، وتحلف الزوجة على نفسها بالغضب إن كان زوجها من الصادقين، وقيل سمّي بذلك لما يترتب عليه من الإثم والعقاب، لكذب أحدهما فيكون ملعوناً، وقيل لِما توجب هذه الشهادات من حصول الفرقة بين الزوجين، فيبعد كل واحد عن الآخر.[٣][٤]


أحكام ومسائل متعلقة باللعان


مشروعية اللعان

شرع اللعان في الدين الإسلامي وجاء حكمه بعد ثبوت حدّ الزنا وحد القذف واستقرارهما على العموم، حيث إن الأصل أن من يقذف محصناً بالزنا صراحة عليه أن يأتي بالبينة، وهي أربعة شهود، والمحصن؛ هو المسلم العاقل الحر العفيف، قال -تعالى-: (والَّذِينَ يَرمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بأربعة شُهَدَاءَ فَاجْلِدوهُمْ ثَمَانِينَ جَلدَة)،[٥] فإنه إذا لم يأت القاذف باأربعة شهود فعليه حدّ القذف، وهو جلده ثمانين جلدة، وهذا عام للجميع، إلا أن الله -تعالى- استثنى من ذلك إن حصل القذف بين الزوجين، فإن قذف الزوج زوجه بالزنا ولم يكن معه بينة أربعة شهود، ولم تقرّ الزوجة ولم تعترف بذلك ولم يرجع الزوج عن قذفه، عُمل بالملاعنة، حيث إنه يدرأ عن نفسه حدّ القذف فلا يُجلد مقابل حلفه وشهادته،[٦] والأصل في مشروعيته ما يلي:[٧]

  • قول الله -تعالى- في سورة النور: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ* وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ).[٨]
  • ما صحّ في السنة النبوية: (أنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: البَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ في ظَهْرِكَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إذَا رَأَى أَحَدُنَا علَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا، يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ يقولُ: البَيِّنَةَ وإلَّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ).[٩]
  • إجماع الأمة الإسلامية على مشروعية الملاعنة بين الزوجين واللجوء إليه في هذه الحالة.


كيفية اللعان وصيغته

يقوم الزوج بقول أربع مرات: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها من الزنا"، ثم يقول في المرة الخامسة: "لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما رميتها من الزنا"، وتقول الزوجة أربع مرات: "أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا"، ثم تقول في المرة الخامسة: "غضب الله عليّ إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا"، وإذا كانت الزوجة حاملاً وأراد الزوج نفي الحمل، وأنه ليس منه، عليه أن يذكر ذلك في لعانه، كقوله: "وإن هذا الحمل ليس مني".[١٠][١١]


الآثار المترتبة على اللعان

يترتب على حصول الملاعنة بين الزوجين، وملاعنة كل واحد منهما الآخر ما يلي:[١٢][١٣]

  • سقوط الحد عن الزوجين؛ فيسقط حد القذف عن الزوج وحد الزنا عن الزوجة.
  • ثبوت الفرقة المؤبدة بين الزوجين؛ فتكون هذه الفرقة فسخاً يوجب التحريم المؤبد كحرمة الرضاع عند جماهير أهل العلم، وقال الإمام أبو حنيفة ومحمد الشيباني أن الفرقة المترتبة على اللعان طلاق بائن.
  • انتفاء نسب الولد أو الحمل إذا نفاه الزوج في لعانه؛ إذا نفى الزوج الحمل أو الولد في لعانه فإنه ينتفي نسبه به، وينسب إلى الزوجة، للحديث الصحيح: (أنَّ رَجُلًا لاعَنَ امْرَأَتَهُ في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وانْتَفَى مِن ولَدِها، فَفَرَّقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهُما، وأَلْحَقَ الوَلَدَ بالمَرْأَةِ).[١٤]



مواضيع أخرى:

ما هو الإيلاء؟

ما معنى الظهار؟


المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7092. بتصرّف.
  2. ابن فارس، حلية الفقهاء، صفحة 182. بتصرّف.
  3. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 316. بتصرّف.
  4. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 140. بتصرّف.
  5. سورة النور، آية:4
  6. عبد الله البسام، تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، صفحة 612. بتصرّف.
  7. فقه النكاح والفرائض، محمد عبداللطيف قنديل، صفحة 272-273. بتصرّف.
  8. سورة النور، آية:6-9
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2671، حديث صحيح.
  10. محمد علي السايس، تفسير آيات الأحكام للسايس، صفحة 564. بتصرّف.
  11. "المَبحَثُ الثَّاني: صِيغةُ اللِّعانِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2022. بتصرّف.
  12. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 145-147. بتصرّف.
  13. أحمد علي طه ريان، فقه الأسرة، صفحة 275. بتصرّف.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6748 ، حديث صحيح.