ما معنى الظهار؟
معنى الظهار في اللغة
الظهار مصدرٌ مأخوذ من الظّهر، من الفعل ظاهر، فيقال ظاهر الرجل زوجته وتظاهر منها ظهاراً، بأن يقول لها أنت عليّ كظهر أمي، ولا تعني هنا كلمة الظهر التي أُخذ منها الظهار العضو من الجسد، وإنما المقصود منها العلو والارتفاع، ومنه قوله -تعالى-: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ)؛[١] أي لم يستطيعوا العلو عليه، فكل من علا شيئاً فقد ظهر، وقد سُمّي المركوب ظهراً؛ لأن الراكب يعلوه ويرتفع عليه، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له)،[٢] ويقصد بالظهر هنا الدابة وما في معناها، فالظهر من الدابة موضع الركوب.[٣]
معنى الظهار في الشرع
يُقصد بالظهار في الشرع تشبيه الرجل زوجته أو جزءاً منها بمن تحرم عليه من النساء حرمة مؤبدة؛ مثل قول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أختي، أو نصفك كظهر أمي، ونحو ذلك.[٤]
حكم الظهار
اتفق أهل العلم على حرمة الظهار؛ استناداً بقوله -تعالى-: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُور)،[٥] حيث وصف الله -تعالى- الظهار في هذه الآية أنه منكرٌ وزورٌ من الأقوال؛ اللذان هما من أكبر الكبائر، إذ إن الظهار هو تحريم لما أحلّ الله -تعالى-.[٦][٧]
كفارة الظهار وآثاره
كان الظهار عند العرب في الجاهلية يعد طلاقاً، وعندما جاء الإسلام غيّر حكمه إلى الحرمة، بتحريم الزوجة على الزوج تحريماً مؤقتاً، وجعله يميناً مغلظة؛ بحيث لا يجوز للزوج أن يقرب زوجته ويعاشرها إلا بعد أداء الكفارة، حيث يجب على الزوج المظاهر أن يتوب إلى الله -تعالى- لارتكاب هذا التصرّف المحرّم، وعدم معاشرة زوجته خلال فترة الظهار، وأداء الكفارة المقدرة شرعاً.[٨]
وكفارة الظهارة فعل أحد ثلاثة أمور على الترتيب؛ عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً؛[٨] دلّ على ذلك قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).[٩][١٠]
وما جاء في حديث خولة بنت مالك -رضي الله عنها- حيث قالت: (ظاهرَ منِّي زَوجي أوسُ بنُ الصَّامتِ فَجِئْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أشكو إِليهِ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يجادِلُني فيهِ ويقولُ اتَّقي اللَّهَ فإنَّهُ ابنُ عمِّكِ فما بَرِحْتُ حتَّى نزلَ القرآنُ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا إلى الفَرضِ فقالَ يُعتِقُ رقَبةً قالَت لا يَجِدُ قالَ فيَصومُ شَهْرينِ مُتَتابِعَينِ قالَتْ يا رسولَ اللَّهِ إنَّهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ مِن صيامٍ قالَ فَليُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا...).[١١][١٠]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ سورة الكهف، آية:97
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1728، حديث صحيح.
- ↑ محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ أحمد علي ريان، فقه الأسرة، صفحة 264. بتصرّف.
- ↑ سورة المجادلة، آية:2
- ↑ "المَبحَثُ الثَّاني: حُكمُ الظِّهارِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2022. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 124. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الرقيب الشامي، الكفارات أحكام وضوابط، صفحة 94-96. بتصرّف.
- ↑ سورة المجادلة، آية:2-3
- ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 136-137. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن خولة بنت مالك بن ثعلبة ويقال لها خويلة، الصفحة أو الرقم:2214، حسن.