مفهوم الرضا في الإسلام

يُعرف الرضا لغةً بأنّه ضد السخط؛ كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ...)،[١] أمّا الرضا في الاصطلاح: أن لا يكره العبد ما يجريه الله -تعالى- من الأقدار، فهذا هو رضا العبد عن مولاه -سبحانه-، ورضا الله -تعالى- عن العبد بأن يراه -سبحانه- ملتزماً بما أمره، مبتعداً عمّا نهاه.[٢]


وقد ذكر بعض أهل العلم تعريفات أخرى للرضا، نذكر منها:[٣]

  • "اَلسَّلْوَة عَنْ اَلشَّهَوَاتِ".
  • "عَدَم تمَنِّي مَنْزِلَةً فَوْقَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ".
  • "اَلرِّضَا اِنْشِرَاحَ اَلصَّدْرِ وَسِعَتِهِ بِالْقَضَاءِ، وَتَرْك تمَنِّي زَوَالَ اَلْأَلَمِ، وَإِنْ وَجَدَ اَلْإِحْسَاسُ بِأَلَمٍ، لَكِنْ اَلرِّضَا يُخَفِّفُهُ مَا يُبَاشِرُ اَلْقَلْبُ مِنْ رُوحِ اَلْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَإِذَا قَوِيّ اَلرِّضَا فَقَدْ يُزِيلُ اَلْإِحْسَاسُ بِالْأَلَمِ بِالْكُلِّيَّةِ".
  • "اَلتَّسْلِيم بِالْقَضَاءِ، وَالْقَنَاعَةُ بِمَا قَسَّمَ قَلَّ أَوْ كُثُرٍ، وَالسُّكُونُ إِلَى اَللَّهِ، وَحَمْدُهُ عَلَى مَا قَضَاهُ، وَتَرَكَ اَلنَّدَمُ أَوْ اَلْحَسْرَةِ أَوْ اَلْحُزْنِ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ رِزْقٍ، وَعَدَمَ اَلتَّسَخَطْ، أَوْ اَلِاعْتِرَاضِ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ قَضَاءِ اَللَّهِ اَلْكَوْنِيِّ، وَحُبَّ أَمْرِ اَللَّهِ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَتَرْكَ مَعَاصِيهِ وَاجْتِنَابُهَا، وَالْبَشَرُ وَالْإِكْرَامُ، وَالْغِنَى عَمَّا فِي أَيْدِي اَلنَّاسِ، وَالْيَقِينُ بِأَنَّ اَللَّهَ اَلْمُعْطِي، اَلْمَانِعُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ".[٤]


حكم الرضا

ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنّ تحقيق الإنسان المسلم لأصل الرضا واجب، أمّا نيل منازله العليا فهو مستحب؛ فالذي لا يرضى عن الله -تعالى- ولا عن شرعه ولا أحكامه ليس بمسلم، لذا وجب على كل مسلم يؤمن بالله -تعالى- حقّ الإيمان أن يمتلك ولو درجةً واحدة من الرضا، ونصوص الشريعة الإسلاميّة تؤكد ذلك، فمن القرآن الكريم يقول -سبحانه-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[٥][٦]


وقال -سبحانه-: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)،[٧] وفي عاقبة السخط وقلة الرضا يقول -سبحانه-: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)،[٨] كما ورد في السنة النبويّة العديد من الأحاديث التي تدلّ على معنى الرضا، ووجوب إقراره بالنفس، والحثّ عليه وبيان فضله، ونذكر من ذلك كلّه قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا).[٩][٦]


فضل الرضا

إنّ المسلم الذي يحوّل شعور الرضا والقناعة الذي يستقرّ في القلب إلى واقع ملموس في حياته ينال الخير الكثير، ويرقيه ذلك إلى أعلى درجات السكينة والاطمئنان، إذ إنّ الرضا له أفضال عديدة تعود على المسلم في دينه ودنياه، نذكر من ذلك:

  • حسن التوكل على الله -تعالى-، وتفويض الأمر له -سبحانه-.
  • رضا الله -سبحانه-.
  • البعد عن التسخّط والتشكي من أقدار الله -تعالى-.
  • استشعار البركة والسعة في القليل.
  • بلوغ أفضل الدرجات في الدنيا والآخرة.
  • تدريب النفس على معاني الصبر وانتظار الفرج.
  • الزهد في الدنيا، وغنى النفس.
  • إطابة العيش.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:486، صحيح.
  2. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 183، جزء 6. بتصرّف.
  3. حميد بن أحمد نعيجات، الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا، صفحة 617، جزء 2.
  4. مجموعة من المؤلفين، مجلة جامعة أم القرى، صفحة 362، جزء 5.
  5. سورة النساء، آية:65
  6. ^ أ ب محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 189، جزء 6. بتصرّف.
  7. سورة التوبة، آية:59
  8. سورة محمد، آية:28
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن العباس بن عبد المطلب، الصفحة أو الرقم:34، صحيح.