الأعمال المستحبة عند زيارة القبور
السّنة أن يزور المسلم القبور للترحم على الأموات وتذكّر الموت والآخرة والاتّعاظ بذلك، وقد ذكر أهل العلم العديد من الأعمال التي يُستحبّ فعلها عند زيارة القبور، وسيتمّ ذكرها فيما يأتي:
الدعاء للأموات
يُسنّ للمسلم إذا زار القبر أن يدعو للأموات المسلمين ويترحّم عليهم، فالميت في حاجةٍ للدعاء وينتفع به بإذن الله،[١] فقد ثبت عن بريدة الأسلمي -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلى المَقَابِرِ، فَكانَ قَائِلُهُمْ يقولُ، في رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ، وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ).[٢]
ومن الأدعية الأخرى المستحبة ما يأتي:[٣]
- قال الحنفية: يُستحبّ للمسلم أن يدعو فيقول: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْل الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَْثَرِ"، أو يقول: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْل الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ، نَسْأَل اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ"، ثمّ يدعو بعد ذلك طويلاً.
- قال الشافعية: يُستحبّ الدعاء بقول: "سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ".
- قال الحنابلة: يُستحبّ للمسلم أن يقف أمام القرب ويكون قريباً منه، وأن يقول: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أَوْ أَهْل الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَل اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ".
العظة وتذكّر الموت والآخرة
يُسنّ للمسلم أن يستحضر الآخرة عند زيارته للقبور، ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أراد زيارةَ القبورِ فإنها تُذكِّرُ الآخرةَ)،[٤][٥] ويُسنّ كذلك أن يتذكّر الموت وأنّه لاحقٌ بهؤلاء الأموات في يومٍ ما، فيرقّ قلبه ويدفعه ذلك للاستعداد للرحيل وزيادة الطاعات والقرب من الموْلى -عز وجل-.[٦]
أعمال أخرى مستحبة
من الأعمال الأخرى التي ذكر أهل العلم استحبابها عند زيارة القبور قراءة ما تيسّر من القرآن الكريم، فقد ذكر الشافعية أنّ الرحمة تنزل عند قراء القرآن، فيُستحبّ فعلها في المقابر ثمّ الدعاء للأموات عقب ذلك، ويُستحب بعد قراءته أن يهدِ ثواب ذلك لأرواحهم، فهو دعاءٌ تُرجى إجابته بإذن الله،[٧] وقالوا: يُستحبّ للمسلم أن يُسلّم على الميت المزور من قِبَل وجهه.[٣]
مخالفات شرعية عند زيارة القبور
هناك عدّة مخالفات شرعية ينبغي على المسلم أن يجتنبها عند زيارته للقبور، ونذكر شيئاً منها فيما يأتي:[٨]
- المشي على القبور: فلا يجوز للمسلم أن يمشي على القبور بنعليْه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لأن أمشيَ على جمرةٍ أو سَيفٍ أو أخصفَ نعلي برجلي، أحبُّ إليَّ من أن أمشيَ على قبرِ مسلمٍ، وما أبالي أوسطَ القبورِ قضيتُ حاجتي، أو وسطَ السُّوقِ).[٩]
- الجلوس على القبور: فيحرم على المسلم أن يجلس على المقابر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ).[١٠]
- ارتكاب المخالفات الشرعية: مثل الاختلاط والتبرّج، فهي وإن كانت محرّمةً في الأصل إلا أنّ حرمتها تزداد في أماكن العظة والعبرة.[١١]
المراجع
- ↑ عبد العزيز الراجحي، شرح الوصية الكبرى لابن تيمية، صفحة 12، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بريدة بن الحصيب الأسلمى، الصفحة أو الرقم:975، صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 89-90، جزء 24. بتصرّف.
- ↑ رواه النسائي، في سنن النسائي، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:5667، صححه الألباني.
- ↑ الجلال السيوطي، حقيقه السنة والبدعة، صفحة 113. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الحميد، معرفة المأمور به والمحذور في زيارة القبور، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 266، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "آداب زيارة القبور"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:1283، صححه الألباني.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:971، صحيح.
- ^ أ ب "لا حرج في زيارة المقابر يوم العيد"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1294، صحيح.