تعد زيارة القبور من السنن التي حث عليها الإسلام؛ لما فيها من تذكير بالآخرة وتأكيد لحقيقة الموت كمصير للبشر، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري: "نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ فَزُورُوها" [١]، ولكن يشترط في زيارة القبور تجنب كل السلوكات المخالفة للشريعة الإسلامية والتي تتعارض مع الأصل والعلة من زيارة القبور، لذلك كان من الضروري وجود مجموعة من الآداب التي تنظم زيارة المسلمين للقبور وتجعلهم يتعظون ويسلمون على أمواتهم دون أن يكون ذلك مصحوبًا بتصرفات غير لائقة، ولتفصيل ذلك سنعرض أبرز تلك الآداب وأهمها وأشملها في هذا المقال. [٢][٣]


1. السلام على الأموات

عند الحديث عن آداب القبور فإن أول أدب يجب البدء به هو السلام على الأموات عند دخول المقبرة، وقد ورد في ذلك حديث رواه بريدة الأسلمي: "كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلى المَقَابِرِ، فَكانَ قَائِلُهُمْ يقولُ، في رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ، وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ". [٤][٥]


2. الدعاء للأموات

إن الدعاء من الأمور التي تنفع الميت، لذلك يسن الالتزام بالدعاء للأموات عند زيارة المقبرة، وقد قال عز وجل في كتابه: "وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ". [٦][٥]


3. عدم الجلوس على القبور

لما في ذلك من انتهاك لحرمة الميت، وقد ورد نهي حازم في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْر" [٧]، كما أنه من غير اللائق أو المقبول أو المنطقي أن يجلس شخص زائر للقبور على قبور الأموات؛ فالأصل أنه يريد الاتعاظ والسلام على الأموات والدعاء لهم، وهذا كله يتعارض مع الجلوس على القبور والتساهل في ذلك. [٨]


4. عدم الاستغاثة بالأموات

إذ إن بعض الأشخاص يتبرّكون بزيارة القبور، خصوصًا قبور الصالحين، ويطلبون من الأموات حاجاتهم، وهذا مخالف للشرع والمنطق، فليس بيد الأموات نفع ولا ضر، كما أن في ذلك إشراك بالله عز وجل، فالمسلم لا يطلب حاجته إلا من الله ولا يستغيث إلا بالله، وقد قال صلى الله عليه وسلم من الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس: "إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ". [٩][٥]


5. الابتعاد عن كل ما يخالف الشرع

إذ يجب أن يتحرى المسلم الصواب من الأفعال، خصوصًا عند زيارة المقابر؛ لما لها من حرمة وخصوصية، فما لا يجوز خارج المقابر لا يجوز في المقابر، كالغيبة والتلفظ بقبيح الألفاظ، وإن بعض الأعمال المباحة خارج المقابر غير مقبولة وغير منطقية داخلها، كتناول الطعام ورفع الصوت، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن كل تلك الأفعال الغريبة تعوفها النفس في المقابر، والإنسان السوي لا يفكر فيها أبدًا؛ لأنه يكون منشغلًا بالذكر والدعاء. [٥]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:977.
  2. "آداب زيارة القبور، وهل يشعر الميت بمن يزوره ؟"، إسلام ويب. بتصرّف.
  3. "آداب زيارة القبور"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بريدة الأسلمي، الصفحة أو الرقم:975.
  5. ^ أ ب ت ث "آداب زيارة القبور والتعزية"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  6. سورة الحشر، آية:10
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:971.
  8. "آداب زيارة القبور، وهل يشعر الميت بمن يزوره ؟"، إسلام ويب. بتصرّف.
  9. رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:160/1.