خلق الله عز وجل الخلق لغايةٍ عظيمة وهي عبادته وحده لا شريك له، ومن خصائص العبادة في دين الإسلام شمولها، وتعدّد أنواعها، وتنوع مجالاتها، فمنها عبادات بدنية كالصّلاة والصّيام، وعبادات قوليّة كالذّكر وقراءة القرآن، وعبادات قلبية كالخوف والرجاء والتّوكل، وعبادات ماليّة أيضًا، وهذه العبادات الماليّة تشتمل على إنفاق المال ابتغاء وجه الله تعالى، ومن أجَلِّ هذه العبادات الماليّة وَقفُ المال في سبيل الله؛ لما يترتّب عليه من مصالح عظيمة، وفوائد كبيرة في الأمّة والمجتمع والأفراد في الدّنيا والآخرة.


ولمّا كانت للوقف تلك الآثار العظيمة سارعَ المسلمون إلى وقف الأموال في شتى مجالات الحياة، كبناء المساجد والمدارس ودور الأيتام والمستشفيات، وحفر الآبار، وتعبيد الطرق، وطباعة الكتب، والمساهمة فيما يتعلق بالجهاد في سبيل الله، وغير ذلك، ولقد لقيَ الوقف في الفقه اهتمامًا بالغًا من علماء المسلمين، فَأَوْلوهُ عنايةً فائقةً؛ تتمثّل بنشر أحكامه للناس وتعليمها، والحثّ عليه، وبيان فضائله، والدّفاع عنه، وتأليف المؤلّفات في أحكامه وبيان أنواعه، وسنعرض في هذا المقال أنواع الوقف لله.


أنواع الوقف

صُنّف الوقف في عمومه على أنه من الممكن أن يكون لشخص كزيدٍ مثلًا، أو أن يكون على جهة خيريّة كمسجد، أو مدرسة، أو مستشفى، أو بئر ماء ونحو ذلك، أو يكون على صنف معين كالفقراء، والمعلمين، وطلبة العلم ونحو ذلك، ويمكن تفصيل أنواعه من حيثيات عديدة منها: [١][٢]


من حيث متعلقاته

ينقسم الوقف من حيث الحكم التكليفي الشرعي إلى خمسة أقسام:

  1. الاستحباب: وهذا هو الأصل في الوقف.
  2. الوجوب: كما لو نُذِر الوقف.
  3. الإباحة: كما لو وقف جميع ماله، فلا مانع من ذلك، أو أوصى بجميع ماله وقفًا فلا مانع أيضًا.
  4. التحريم: كما لو قصد بوقفه الأثرياء، أو وقف على بعض أولاده دون البعض، أو تضمن وقفه محظورًا شرعيًّا.
  5. الكراهية: كما لو أوصى بوقف وهو فقير، ووارثه محتاج.


من حيث الحكم الشرعي الوضعي

  1. صحيح: وهو ما توفرت فيه شروط صحة الوقف.
  2. باطل: وهو ما اختل شرط من شروط صحة الوقف فيه.

من حيث نوع الجهة الموقوف عليها

  1. وقفٌ على جهة عامة: وهو الوقف على غير محصور كالمسجد والفقراء مثلًا.
  2. وقف على جهة خاصة: وهو الوقف على محصور كشخص أو أولاده ونحو ذلك.


من حيث الاشتراك وعدمه

  1. وقف مشترك: وهو ما اشترك فيه أكثر من واحد.
  2. وقف خاص: وهو ما اختص فيه شخص واحد فقط.


من حيث بعد وقرب الجهة التي وقف عليها

  1. الوقف الذري (الأهلي): وهو الوقف الذي يكون نفعه مقتصرًا على ذرية الواقف.
  2. الوقف الخيري: وهو الوقف على جهات البر والخير، كالوقف على المساجد والعلماء والمساكين، ونحو ذلك.

وقد جمع بعض الناس بين الوقف الذري والوقف الخيري، فيوقف نصف بيته على أولاده، ونصفه الآخر على المساكين؛ فيكون وقفًا خيريًّا وأهليًّا.


من حيث حالة الواقف

  1. الوقف في حالة الصحة.
  2. الوقف في حال المرض.


من حيث محل الوقف

ينقسم الوقف على هذا الأساس إلى أنواعٍ متعددةٍ يمكن عرضها فيما يأتي:

  1. وقف العقار.
  2. وقف المنقول.
  3. وقف الأموال النقدية.
  4. وقف المنافع.
  5. وقف الحقوق المعنوية.


من حيث دوام الوقف وعدمه

  1. وقف مؤبد: لا يملك الواقف الرجوع عنه.
  2. وقف مؤقت: محدد بزمن سواء أكان الزمن طويلًا أم قصيرًا.


من حيث مشروعية الوقف

  1. وقف صحيح: وهو الوقف المشروع الذي اكتملت أركانه وشروطه، ولم يتضمن ما يعلله.
  2. وقف غير صحيح: وهو ما تضمَّن ما يبطله؛ كالوقف على محرَّم.


من حيث انقطاع الوقف واتصاله

  1. وقف متصل الابتداء والانتهاء: كالوقف على طلّاب العلم ممّا لا ينقطع.
  2. وقف منقطع الابتداء والانتهاء: كمن يقف على ولده ولا ولد له.
  3. وقف متصل الابتداء منقطع الانتهاء: كالوقف على رجلٍ بعينه وينقطعُ بعد موته.
  4. وقف منقطع الابتداء متصل الانتهاء: كالوقف على ولده دون أن يكون له ولد، ثم على الفقراء.


من حيث الجهة الموقوفة

  1. أوقاف القطاع الخاص: كالوقف لمستشفى خاص.
  2. أوقاف القطاع العام: كوقف أرض أو حديقة لعامة الناس.


من حيث مضمون الوقف الاقتصادي

  1. الوقف المباشر: وهو ما يوقف للانتفاع بذاته.
  2. الوقف الاستثماري: وهو ما يوقف للانتفاع بريعه.


من حيث إدارة الوقف

  1. وقف مضبوط: وهو ما يتبع لإدارة مخصصة لذلك.
  2. وقف ملحق: وهو ما يقوم به قائم تحت إشراف تلك الإدارة.


بعد معرفة أنواع الوقف في العموم لا بد من الإشارة إلى وجود شروط لهذه الأنواع؛ فليست كلها صحيحة أو مقبولة، كما لا بد وأن ندرك بأن الوقف حكم اختص به المسلمون، لدرجة أن الصحابة رضوان الله عليهم لا يكاد يكون فيهم واحد مقتدر إلا وكان له وقف، ولقد برع المسلمون الأوائل في تخصيص ممتلكاتهم ووقفها في أوجه البر والإحسان، وما زال المسلمون إلى يومنا هذا يخصصون أوقافًا كانت موجودة وشائعة في عصر الصحابة والتابعين.


المراجع

  1. محمد إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 687. بتصرّف.
  2. خالد علي المشيقح (2013)، الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا (الطبعة 1)، قطر :وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، صفحة 136-139، جزء 1. بتصرّف.