قضاء الحاجة
إنّ من كمال هذا التشريع الإسلامي أنّه بيّن كل ما يحتاجه المسلم في حياته، دون إغفال تفصيلة واحدة؛ وذلك بنصوص القرآن الكريم، ونصوص السنّة النبويّة، ومن الأمور التي لم يغفل عنها التشريع المبارك آداب قضاء الحاجة؛ وهي اسم يُكنّى به عن خروج البول والغائط من الإنسان،[١] والتي جلّا آدابها النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بهديّه، وفعله، وإرشاده، وبيان ما يجوز في ذلك وما لا يجوز، وما يلزم مراعاته قبل قضاء الحاجة، وفي أثنائها، وبعدها.
ولقد فصّل أهل العلم في ذكر هذه الآداب حتى أفردوها بالتصنيف؛ فمنهم من أفردها تحت مسمى:[٢]
- باب آداب قضاء الحاجة؛ استنباطاً من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ علَى حَاجَتِهِ، فلا يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا).[٣]
- باب الاستنجاء أو آداب الاستنجاء؛ استنباطاً من حديث سلمان الفارسيّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (... لقَدْ نَهانا -يقصد النبي صلوات الله عليه- أنْ نَسْتَنْجِيَ باليَمِينِ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ بأَقَلَّ مِن ثَلاثَةِ أحْجارٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ برَجِيعٍ، أوْ بعَظْمٍ).[٤]
- باب الخلاء، أو آداب الخلاء؛ استنباطاً من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبَائِثِ).[٥]
ويمكن بيان هذه الآداب على النحو الآتي:
آداب قبل قضاء الحاجة
ينبغي على المسلم التحلّي بعدد من الآداب ومراعاتها قبل الدخول لموضع قضاء الحاجة، أو عند اختياره إن لم يكن معدّاً لذلك؛ ومن هذه الآداب:[٦]
- اجتناب أماكن الظلّ، وموارد المياه، وطريق الناس؛ عند قضاء الحاجة خارج البنيان.
- اجتناب أماكن الماء الراكد.
- اجتناب دخول موضع الخلاء بشيء فيه ذكر لله -تعالى-.
- الاستعاذة من الخبث والخبائث.[٧]
- تقديم الرجل اليمنى عند الدخول.[٨]
- الابتعاد والاستتار عند قضاء الحاجة خارج البنيان.
- عدم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة خارج البنيان.
- اختيار مكان رخو عند التبّول، إذا كان قضاء الحاجة خارج البنيان؛ وذلك اتقاءً للنجاسة الحاصلة من ارتداد البول.[٩]
آداب أثناء قضاء الحاجة
إنّ الآداب التي ينبغي مراعاتها أثناء قضاء الحاجة كثيرة متعددة؛ نذكر منها:[١٠]
- الجلوس عند قضاء الحاجة، وتجنب التنبوّل في حال الوقوف.
- استخدام اليد اليسرى عند الاستنجاء أو الحاجة للمس مكان العورة.
- عدم رفع الثوب إلا عند الاقتراب من مكان قضاء الحاجة؛ لا سيما إن كان قضاء الحاجة خارج البنيان، أما داخل البنيان فلا يرفعه إلا بعد إغلاق الباب والتأكد من التواري عن أعين الناس.
- الحرص على إزالة النجاسات بعد الانتهاء.
- أن يكون عدد المسحات أو التطهير من النجاسات ثلاث فأكثر، بحسب ما تقتضيه الحاجة.
- عدم استعمال العظام وروث الحيوانات عند إزالة النجاسة بالمسح.
- أن لا يُسلّم على من يقضي حاجته، ولا يردّ السلام أو التحيّة على من يُسلّم عليه وهو مشغول بقضاء حاجته.
- تجنّب الكلام عند قضاء الحاجة، وفي موضعها، إلا ما كان للضرورة.[١١]
- تجنّب الإطالة في موضع قضاء الحاجة، اتقاءً لجلب الضرر لنفسه، أو أذيّة الآخرين بسبب انتظاره.[١٢]
آداب بعد قضاء الحاجة
إذا انتهى المسلم من قضاء حاجته يُستحبّ له القيام بالآداب الآتية:
المراجع
- ↑ عبد الكريم الخضير، شرح بلوغ المرام، صفحة 28، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع الطهارة، صفحة 80. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:265 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:262، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:142، صحيح.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 26، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 81. بتصرّف.
- ^ أ ب دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 54، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 18، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، صفحة 4-13، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 36-37، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 8، جزء 34. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:30، صححه الألباني.
- ↑ دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 123، جزء 2.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:301، صححه السيوطي.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، صفحة 22، جزء 15. بتصرّف.