يعد الطريق مكانًا لعبور الناس، سواء أكانوا من المارة أم الراكبين، وإن مرور الناس بالطريق أو جلوسهم فيه دون مراعاة الآداب يشكل إزعاجًا للمارة وللساكنين بالقرب من ذاك الطريق، لذلك وضعت الشريعة الإسلامية آدابًا مخصوصة للطريق إلى جانب الآداب العامة التي يتحلى بها المسلمون، إذ توجد علاقة وثيقة بين المسلم الحقيقي والأخلاق الحميدة، ويظهر ذلك في قوله تعالى: "وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" [١]، فقد وصف الله عز وجل عباد الرحمن في هذه الآية بأنهم متواضعون ومترفّعون عن الجهل، ولتصبح آداب الطريق ثقافة عامة مطبقة سنعرض أهمها في هذا المقال، فمن الضروري معرفة الآداب والقواعد قبل تطبيقها والالتزام بها.[٢]
على الرغم من أن الأصل في الطريق أن يكون مكانًا للمرور، إلا أن البعض قد يضطر إلى الجلوس في طريق ليس فيه الكثير من المارة لعدم وجود مكان آخر يجلسون فيه أو يلتقون أصدقاءهم هناك، وفي مثل هذه الحالة توجد آداب إضافية يجب الالتزام بها، وقد بينها صلى الله عليه وسلم في حديثه: "إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ" [٣]، وسنعرض تلك الآداب بشيء من التفصيل والإيضاح فيما يأتي:
1. رد السلام
إن سلام المسلم على أخيه واجب، وإن المتأمل للآداب الإسلامية المختلفة يجد أن رد السلام من أول الآداب الواردة في مختلف السلوكات؛ فمن آداب الاستئذان رد السلام، ومن آداب زيارة المريض رد السلام، وغيرها الكثير من الحالات التي يكون فيها رد السلام الأدب الأول الذي يجب تطبيقه، وتصديقًا لذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ" [٤]، ومن هذا المنطلق كان رد السلام من أهم آداب الطريق، كيف لا وفيه يصادف المسلم الكثير من الناس. [٢]
2. غض البصر
لا بد لمن يمر بالطريق من غض البصر، فمن سوء الأدب أن يمعن النظر فيما يخص الآخرين؛ كلباسهم، ومشترياتهم، كما أن غض البصر فيه حماية لنفس المسلم من الحسد والاطلاع على عورات المسلمين وتتبع خصوصياتهم. [٥]
3. كف الأذى
ويشمل الأذى كل سوء يمكن أن يتسبب به المرور في الطريق، بدءًا من رمي النفايات وانتهاء بالسخرية من المارة أو الحديث عنهم، ويتضمن أيضًا تعطيل سير المارّة بالاصطفاف الخاطئ والمخالف لقواعد السير، أو حتى قيادة السيارة بسرعة كبيرة؛ لما قد يتسبب به ذلك من أذى. [٦]
4. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ويعد هذا الأدب من الآداب المهمة التي يغفل الكثيرون عن تطبيقها، وإن طبّقها البعض فيكون بطريقة فظّة وخاطئة لا تحقق الغرض منها، وإن القصد والغرض من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الوصول إلى مجتمع فيه أقل عدد ممكن من الجرائم والحوادث وأكبر عدد ممكن من الأعمال الجيدة، لذلك من الضروري أن ينهى المسلم عن السرعة الزائدة وإعاقة المارة وإغلاق الطريق، وأن يأمر بالتزام القوانين واحترام المارة، ولكن يجب أن يكون ذلك بطريقة مناسبة وأن يتحرى الوضع المناسب لذلك بما يضمن إبعاد الأذى عن نفسه في المقام الأول. [٧]
المراجع
- ↑ سورة الفرقان، آية:63
- ^ أ ب "آداب الطريق في الإسلام"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2465.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1240.
- ↑ "حق الطريق في الإسلام"، صيد الفوائد. بتصرّف.
- ↑ "آداب الطريق"، طريق الإسلام. بتصرّف.
- ↑ "آداب الطريق"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.