التعريف بدعاء صلاة القنوت

دعاء القنوت هو دعاءٌ يدعو به المسلم في صلاته في مكانٍ مخصوصٍ في آخر ركعةٍ من الصّلاة، ويُشرع القنوت في صلاة الوتر، وفي قيام رمضان، وعند النّوازل، وقيل في صلاة الفجر، ويدلّ على مشروعية كلّ منهم ما يأتي:[١]

  • الدليل على مشروعية القنوت في الوتر

قول الحسن بن علي -رضي الله عنه-: (علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ، اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت ...).[٢]


  • مشروعية القنوت عند النوازل

ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (بَعَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ، يُقَالُ لهمُ القُرَّاءُ، فَعَرَضَ لهمْ حَيَّانِ مِن بَنِي سُلَيْمٍ، رِعْلٌ، وذَكْوَانُ، عِنْدَ بئْرٍ يُقَالُ لَهَا بئْرُ مَعُونَةَ، فَقالَ القَوْمُ: واللَّهِ ما إيَّاكُمْ أرَدْنَا، إنَّما نَحْنُ مُجْتَازُونَ في حَاجَةٍ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَتَلُوهُمْ فَدَعَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليهم شَهْرًا في صَلَاةِ الغَدَاةِ، وذلكَ بَدْءُ القُنُوتِ)،[٣] ويرى جمهور الفقهاء أنّه مشروعٌ في جميع الصلوات، بينما قصره الحنفية على الصلوات الجهرية.


  • مشروعية القنوت في قيام رمضان

ما ثبت من فعل العديد من الصحابة -رضوان الله عليهم-، فقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يفعله، وكذا ابنه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، وأبيّ بن كعب -رضي الله عنه-، وغيرهم من الصحابة.


  • حكم قنوت الفجر

يرى المالكية والشافعية أنّ الدعاء بالقنوت في صلاة الفجر سُنّة، واستدلّوا بحديثٍ يذكر أنّ النبيّ الكريم كان يقنت في الفجر، ولا زال على ذلك حتّى فارق الدنيا، وذكروا أنّ الحاكم نصّ على صحّة هذا الحديث، بينما يرى الحنفية والحنابلة عدم القنوت في صلاة الفجر، وأنّ الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة.[٤]


صيغ دعاء القنوت ومحلّ الدعاء به

إنّ لدعاء القنوت صيغ عديدة، ويرى الشافعية والحنابلة أنّ محلّ دعاء القنوت يكون بعد الركوع بعد قول: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، أمّا الحنفية والمالكية فقالوا إنّ دعاء القنوت يكون قبل الركوع أو بعده، ولكن الأفضل عندهم أن يكون قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة دون تكبير،[٥] ونذكر أبرز صيغ دعاء القنوت فيما يأتي:[٦]


صيغة الدعاء المشهورة عن النبي

عن الحسن -رضي الله عنه- قال: (علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ، اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).[٢]


صيغ الدعاء الأخرى

  • عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يقولُ في آخرِ وترِهِ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ برضاكَ من سَخَطِكَ، وبمعافاتِكَ من عقوبتِكَ، وأعوذُ بِكَ منْكَ، لا أُحصي ثناءً عليْكَ، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ).[٧]
  • كان عمر بن الخطاب يدعو بقنوت القيام في النصف الثاني من رمضان[٨] فيقول: "اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق".
  • عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- قال: "كانَ النَّاسُ يقومونَ أوَّلَهُ، وَكانوا يَلعنونَ الكفرةَ في النِّصفِ: اللَّهمَّ قاتِلِ الكفَرةَ الَّذينَ يصدُّونَ عن سبيلِكَ، ويُكَذِّبونَ رسُلَكَ، ولا يؤمِنونَ بوعدِكَ، وخالِف بينَ كلمتِهِم، وألقِ في قلوبِهِمُ الرُّعبَ، وألقِ عليهم رِجزَكَ وعذابَكَ، إلَهَ الحقِّ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ويَدعو للمسلمينَ بما استطاعَ من خَيرٍ ثمَّ يستغفرُ للمؤمنينَ، قال: وَكانَ يقولُ إذا فرغَ من لَعنةِ الكفرةِ وصلاتِهِ علَى النَّبيِّ، واستغفارِهِ للمؤمنينَ والمُؤْمِناتِ ومسألتِهِ: اللَّهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونحفِدُ، ونرجو رحمتَكَ ربَّنا، ونخافُ عذابَكَ الجِدَّ، إنَّ عذابَكَ لمن عاديتَ مُلحِقٌ، ثمَّ يُكَبِّرُ ويَهْوي ساجدًا".[٩]

المراجع

  1. الشيخ إبراهيم المزروعي، أحكام القنوت، صفحة 2-3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1425، صححه الألباني.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4088، صحيح.
  4. "ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2023. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 331، جزء 1. بتصرّف.
  6. "القُنوتُ في الوِتْرِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2023. بتصرّف.
  7. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1746، صححه الألباني.
  8. الشيخ إبراهيم المزروعي، أحكام القنوت، صفحة 11. بتصرّف.
  9. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:1100، صحح الألباني إسناده.