التزمت الشرائع السماوية التي نزلت بأمر الله تعالى على الرسل والأنبياء -عليهم السلام- بمهمّة الإصلاح الأخلاقي للمجتم إلى جانب الإصلاح التشريعيّ، وخير مثال على ذلك: الشريعة الإسلاميّة التي نزلت على النبيّ عليه الصلاة والسلام، وأولت اهتمامًا بالغًا بالإصلاح الأخلاقيّ للنفس والمجتمع؛ فكانت تحثّ على الأخلاق الحسنة بين الناس، وتحذّرهم من الأخلاق السيئة وتحرمها عليهم، قال النبيّ عليه الصلاة والسلام: "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ -وفي روايةٍ صالح- الأخلاقِ[١] وفيما يلي حديثٌ عن خلق النزاهة وبيانٌ لصفات الشخص المتحلّي بهذا الخلق.


صفات الشخص النزيه

إنّ من الصفات الحسنة والسلوكيّات الساميّة التي حثّت عليها الشريعة الإسلاميّة: صفة وخلق النزاهة، والنزاهة في اللغةً تعني الترفع بالنفس والسمو بها عن المعصية أو عمّا هو قبيح، ولا يختلف معناها الاصطلاحيّ كثيرًا عن معناها اللغويّ، فقالوا إنّ النزاهة هي الابتعاد عن الشرّ والسوء وترك الشبهات،[٢] وأمّا عن الصفات الواجب توفّرها في الشخص النزيه؛ حتّى تنعكس آثار هذه القيم على الحياة العمليّة، فهي:[٣]

  1. سمو النفس وترفّعها عن الشبهات.
  2. الصلاح النفسيّ، والمجتمعيّ.
  3. التحلي بالأمانة والأخلاق الحسنة.
  4. الكفاءة في العمل والاحترام المتبادل مع الغير.
  5. المحافظة على الالتزامات والواجبات وإعطاء الحقوق لأصحابها.


صفات المجتمع النزيه

إنّ تحلّي الأفراد بصفة النزاهة والتزامهم بها في تعاملهم مع بعضهم البعض في جوانب الحياة المختلفة، ينتج لنا مجتمعًا متّصفًا بالصفات الآتية: [٤]

  1. التناصح بين أفراده؛ بهدف زرع القيم المجتمعيّة، وتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  2. التعاون على قضاء حاجات المجتمع بشكلٍ جماعيٍّ، وتوزيع المسؤوليات بينهم.
  3. الشورى في اتخاذ القرارات الجماعيّة التي تصبّ في مصلحة جميع الأفراد.
  4. احترام البيئة؛ وهي انعكاسٌ لنزاهة الأفراد عن تخريب الممتلكات العامّة واستغلالها، ودليلٌ على أدائهم لواجبهم الأخلاقيّ في رعايتها.
  5. أداء الحقوق؛ وهو الحرص التامّ على تسليم الحقوق لأصحابها، وتعاون الأفراد فيما بينهم على ذلك، ومحاسبة المقصّر مع احترام الفوارق الفردية في القدرات بين الأفراد.


دوافع الشخص النزيه

إن صفة النزاهة في حياة الفرد، والتحلّي بها يحتاج إلى التوفّر العديد من الدوافع الداخليّة لدى الفرد؛ لتعينه على التمسّك بالنزاهة، وآتيًا بيانٌ لهذه الدوافع.[٣]


القناعة

فإنّ تحلّي الإنسان بصفة النزاهة وتطبيقها في سلوكيّاته وحياته العمليّة يحتاج إلى قناعةٍ داخليَّةٍ نابعةٍ من داخله، أن هذا التصرف هو التصرف الصحيح والواجب؛ بحيث لا يكون تمثّل والتزام الإنسان بهذه الصفة ناتجًا عن ضغوطٍ خارجيَّةٍ؛ كالخوف من القوانين الرادعة فقط، إنّما هي إرادةٌ وقناعةٌ بالتصرف الصحيح نابعةٌ من داخله.[٣]


مصدر سلوكياته القيم

لأن وجود القيم في حياة الإنسان تعني الالتزام الأخلاقي في أداء الواجب، دون الإشارة إلى أيّ التزامٍ خارجيّ مثل القوانين، إنّما تأثير القيم العليا في حياة الإنسان يدفعه للتحلّي بالنزاهة في جوانب حياته العمليّة في السر كما في العلن.[٣]


تحمل المسؤولية

وهو إدراك المرء لعظم المسؤوليّة في حالة التخلّي عن النزاهة والشفافيّة في سلوكياته ومسؤولياته العمليّة والمجتمعيّة والأخلاقيّة، وأنّه سيكون مُساءلًا من الله تعالى في حال تخلّيه عن النزاهة وعدم تخلّقه بها، قال الله عزّ وجلّ: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ).[٥]

المراجع

  1. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.
  2. د ماجد بن سالم حميد الغامدي، النزاهة قيم وسلوك، صفحة 21. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "النزاهة تعريف وتأصيل"، شبكة الألوكة . بتصرّف.
  4. د ماجد بن سالم حميد الغامدي، النزاهة قيم وسلوك، صفحة 118 - 128. بتصرّف.
  5. سورة الصافات ، آية:24