شروط ميراث الحمل

يُعرف ميراث الحمل في علم المواريث -الفرائض- على أنّه: الجنين الذي تحمله المرأة في بطنها، ويكون ابناً للمتوفى؛ وقد قررت الشريعة الإسلاميّة أنّ هذا الجنين مستحق للإرث في بعض الحالات، ومحجوب عن بعض المقادير أو عن كلّها في حالات أخرى، ودليل ميراث الحمل ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إذا استَهلَّ المولودُ ورِثَ).[١][٢]


ولقد اشترط العلماء لتحقق ميراث الحمل وجود الشروط الآتية:[٢]


  • أن يتحقق وجود الحمل في الرحم قبل موت المورّث

يجب لتحصيل ميراث الحمل أن يتمّ التحقق من وجوده في رحم المرأة قبل موت المورّث، حتى ولو كان نطفةً صغيرة، ويتحقق من ذلك بأن يولد لأقل من ستة أشهر من موت الوارث، وأن "يولد لأكثر مدة الحمل فأقل من حين موت الوارث".


  • أن يولد الطفل حياً حياةً مستقرة

يجب على الطفل الوارث الذي مات مورّثه وهو في بطن أمّه؛ أن يولد حياً حياةً مستقرة؛ بأن يستهلّ حين يُولد -أيّ يصرخ-، أو يتنفس، أو يبكي، أو يرضع أو يعطس، أو يتحرك، أو نحوها من الأمور الدالة على سلامة الطفل عند ولادته.


قسمة ميراث الحمل

من مات وخلّف بعده حمل وارث، فإن للورثة أن ينتظروا إلى حين وضع الحمل لتقسيم التركة، وتوزيع المال والحصص، وإمّا أن يوزّعوه قبل وضع الحمل؛ وهنا فإنّ الواجب مراعاة ما يأتي:[٣]

  • وقف الإرث الأكبر -لهذا الحمل- من نصيب الذكريين أو الأنثيين؛ بمعنى أن يحتسب لهذا الحمل أكبر قيمة يستحقّها من الإرث، سواء إن كان ذكراً، أو كانت أنثى؛ فإذا ولد أخذ نصيبه وحقه، وما زاد عاد لمستحقّه.
  • إن كان هذا الحمل لا يحجب بعض الورثة؛ فإنّهم يأخذون نصيبهم كاملاً، مثل الجدة.
  • إن كان هذا الحمل يُنقص من نصيب بعض الورثة؛ فإنّهم يأخذون النصيب الأقل، مثل الزوجة والأم.
  • إن كان هذا الحمل يُحجب به بعض الورثة؛ فإنّهم لا يأخذون شيئاً حتى يوضع الحمل، مثل إخوة الميت.


ويمكن توضيح ما سبق بذكر هذا المثال: (توفي رجل وترك خلفه من الورثة زوجة حامل، وجدة، وأخ شقيق)؛ فإن أرادوا تقسيم الورثة قبل وضع الحمل كان التقسيم كالآتي:[٣]

  • نصيب الجدة السدس سواء أكان المولود ذكراً أم أنثى.
  • نصيب الزوجة الثمن إن وُلد الحمل حياً، وإن توفي فلها الربع، ولكنّها تأخذ على اليقين الثمن.
  • الأخ الشقيق يسقط حقّه إن كان المولود ذكراً، وإن كانت أنثى فإنّه يأخذ الباقي من ورثة أخيه بعد أن تأخذ المولودة الأنثى نصيبها، أمّا إن كان المولود ميتاً فلا نصيب له، ويأخذ الأخ الشقيق باقي التركة من بعد الزوجة والجدة.


توريث أطفال الأنابيب

ظهر في الآونة الأخيرة بعض المسائل التي استشكل على أصحابها معرفة حكمها؛ لجدّتها وحداثتها، حيث لم يكن لها وجود في عصر العلماء المتقدمين؛ لذا اجتهد أهل العلم المتأخرين في بيان وتوضيح أحكامها، وقياسها على ما يسبقها من الأحكام والمسائل، ومن ذلك مسألة توريث طفل الأنابيب.[٤]


ويُقصد بطفل الأنابيب: أن يتمّ أخذ بويضة من الزوجة -التي لا يثبت الحمل في رحمها-، مع أخذ سائل منوي من زوجها، ثم القيام بتلقيح هذه البويضة بالسائل المنويّ، وحفظها في درجة حرارة قريبة من حرارة الرحم؛ فإذا تشكلت ملامح الجنين قام الأطباء بإدخال هذه البويضة في رحم الأم عبر أنبوب ليستكمل الحمل في الرّحم.[٤]


أمّا عن علاقة ذلك بالتوريث؛ فقد تمّ الإشارة سابقاً إلى ما اشترطه العلماء في ميراث الحمل أن يتمّ التحقق من وجود الحمل قبل موت الوارث، فكيف يكون التحقق من طفل الأنابيب؟


ذهب أهل العلم إلى أنّ التحقق من استحقاق طفل الأنابيب للميراث -إذا مات أبوه- يكون من خلال الآتي:[٤]

  • أن يتمّ تلقيح البويضة في حياة الزوج.
  • أن تكون البويضة قد أخذت بالنمو على هيئة الإنسان، لا أن تكون قطعة دم جامدة أو نحو ذلك، بل يجب أن يظهر تخطيط وتكوين الإنسان تحديداً.
  • أن يكون الطفل حياً في الأنبوب، وجزم الأطباء أو رجّحوا أنّه طفلٌ ماضٍ بالنمو إلى حين الولادة بشكل طبيعيّ مستقر.
  • أن يولد الطفل حياً بعد استكمال فترة الحمل كلّها.

المراجع

  1. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2920 ، سكت عنه فهو صالح وصححه ابن حبان.
  2. ^ أ ب عبد الكريم اللاحم، الفرائض، صفحة 178-179. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 914. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت عطية سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 9، جزء 229. بتصرّف.