خوارم المروءة

دين الإسلام هو دين الأخلاق، إذ إنه يدعو إلى الأخلاق الفضيلة، وتعد المروءة من الأخلاق الفضيلة التي يجب أن يتحلى بها المسلمون، فهي من أهم الصفات التي تكمل الإنسان المسلم، وهي تتضمن التحلي بكل صفة حسنة، وتجنب كل صفة قبيحة، كما تعد المروءة كمالًا للرجل، والمروءة تشتمل على جزأين؛ أولهما اجتناب ما ينهى الله سبحانه وتعالى عنه، وثانيهما التحلي بكل الخصال التي يحبها الله والمسلمون، وفي مقالنا هذا سنتعرف على مفهوم المروءة، وسنتحدث عن بعض الأمور التي تُذهِب المروءة من الشخص، كما سنأتي على ذكر شروط المروءة.

خوارم المروءة

يمكننا الاستدلال على معنى المروءة لغةً بالمعنى الذي يتبادر إلى أذهاننا عند استخدام تلك اللفظة، فعندما نقول: رجل ذو مروءة فإننا نقصد أنه ذو أخلاق وذو نخوة،^[١] أما عن التعريف الاصطلاحي للمروءة فيمكننا القول بأنها صفة من الصفات الحميدة وتعني مراعاة الإنسان لمحاسن الأخلاق والعادات الجميلة،^[٢] وتوجد الكثير من الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان والتي تعد من خوارم المروءة، ومن هذه الأمور ما يلي:^[٣]

1. أكل أموال الناس بالباطل، ويسمى ذلك بالسحت، وقد ورد هذا في القرآن الكريم، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".^[٤]
2. قلة الاهتمام بالنظافة والاستحمام لدرجة ظهور رائحة كريهة تنفر الناس، إذ يبتعد الناس عن مجالسة ذلك الشخص، ومن الضروري هنا أن نوضح أنّ النظافة هي من المروءة.
3. الوقوع في الشبهات، كأن يجلس الرجل مع النساء الأجنبيات في الأماكن العامة، وأيضًا دخول الإنسان إلى الأماكن التي تقع فيها المحرمات.
4. الإكثار من المزاح والجلوس في الطرقات، والنظر إلى النساء، فقد قال ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري: "كثرة المزاح واللهو وفحش القول، والجلوس في الأسواق لرؤية من يمرّ من النساء من خوارم المروءة".
5. مخالفة الإنسان أهل البلد بارتداء اللباس غير المعتاد، وبالتالي فإنه يلفت النظر ويؤدي إلى الفتن.
6. عدم أكل الشخص مما يليه والأكل من جوانب الطبق أو من وسطه، فقد ورد حديث يحث على الأكل مما يلي الشخص ، فقد قال عمر بن أبي سلمة: "كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ" فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْد".^[٥]
7. الامتناع عن إعارة بعض الأدوات للجيران دون ضرورة تقتضي ذلك.
8. التحدث عن أمور خصوصية مع المجالس العامة.
9. أكل الطعام المتوفر في البيت دون ترك ما يكفي لأفراد الأسرة.
10. قضاء الوقت في مشاهدة التلفاز والأفلام والمسلسلات.
11. النوم في مكان فيه أشخاص مستيقظون؛ إذ إن النائم قد تصدر عنه أمور مكروهة.
12. الجدال من أجل الجدال فقط.
13. إخفاء الطعام عن الأصدقاء وهم جياع.
14. الأكل في الشارع دون حاجة ملحة لذلك، لما في هذا الأمر من خصوصية، فقد يشتهي أحد هذا الطعام ولا يستطيع أكله لمرض أو فقر.
15. التحدث عن أهل العلم والفضل والمشهود لهم لمجرد أنهم ارتكبوا خطأ صغيرًا.
16. افتخار الرجل بماله وما يملك.

شروط المروءة

عند الحديث عن شروط المروءة فلا بد من الإشارة إلى أنها تنقسم إلى قسمين؛ قسم متعلق بالنفس، وقسم متعلق بالغير، وفيما يأتي بيان لهما:^[٦]

1. شروط المروءة في النفس

• العفة: وتكون بالكف عن الحرام والآثام.
• النزاهة: وتكون بالترفع عن مطامع الحياة، والكف عن النظر إلى ما بين يدي الناس.
• الصيانة: وتكون بحماية النفس من تحمل منة الخلق، وصيانتها بالسعي وراء ما يكفيها.

2. شروط المروءة في الغير

• المعاونة: وهي مساعدة الغير في سد حاجتهم.
• المياسرة: وتعني التسامح في الحقوق التي لا يترتب عليها ضرر بالنفس، والعفو عن الزلات.
• الإفضال: وهو التكرم بالمال، فصاحب المال يكون كريمًا في ماله.

دواعي المروءة

عند الحديث عن المروءة لا بد من التطرق إلى دوافع المروءة ودواعيها، ونعني بذلك ما يجعل المرء يتحلى بالمروءة ويحرص على تجنب كل خوارم المروءة، وفيما يأتي عرض لأهم أمرين يدعوان إلى المروءة:^[٧]

1. علو الهمة، إذ إن علو الهمة هو أساس كل ما يدفع الشخص إلى التقدم والعلو، كما أن الهمة العالية تساعد في الترقي للوصول إلى مكارم الأخلاق، وهي تبعد الشخص عن الخمول، وتجعله يسعى إلى إصلاح كل مواطن النقص والخلل والضعف فيه.
2. شرف النفس، إذ إن النفس الشريفة أكثر سعيًا وحرصًا على التأديب والتهذيب والتحلي بمكارم الأخلاق والعادات.