الفرق بين الشورى والديمقراطية

الديمقراطية والشورى في الإسلام لا ينزلان منزلة واحدة؛ فكل واحدة منها لها أصل مختلف، فمذهب الديمقراطية مرتبط بالحياة السياسية، بينما الشورى هي مذهب رباني يستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وفي مقالنا هذا سنتحدث عن الشورى والديمقراطية، وسنأتي على ذكر حكم الشورى ومواصفات أهل الشورى، كذلك سنتطرق إلى خصائص الديمقراطية، وبعد ذلك سنطرح أهم الفروقات بين الشورى والديمقراطية.

تعريف الشورى

الشُّورَى في اللغة من التشاوُر، وتعني طلب آراء الآخرين في أحد الأمور.^[١] وتعرف الشورى اصطلاحًا بأنها اجتماع مجموعة من الآراء حول قضية من قضايا المجتمع المهمة، مع مراعاة الأخذ بالرأي الأقرب إلى الصواب.^[٢]

تعريف الديمقراطية

الديمقراطية في اللغة هي كلمة مفردة مؤنثة وجذرها، وتعني الحق في الاختلاف في الرأي والحرية في التعبيرِ عنه.^[٣] والديمقراطية اصطلاحاً هي كلمة أصلها يوناني، وتعني السلطة والزعامة، ويقصد بها حكم الشعب لنفسه، وذلك من خلال اختيار الحاكم.^[٤]

أهم الفروق بين الديمقراطية والشورى

فيما يأتي تفصيل للفروق بين الديمقراطية والشورى بحسب العديد من الجوانب:^[٥]

1. الأصل

الشورى أمر من الله سبحانه وتعالى، فلقد ورد ذكرها في قوله عز وجل في كتابه الكريم: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"،^[٦] أما الديمقراطية فهي لفظ أصل يوناني ومعناها حكم الشعب.

2. المصدر

الشورى هي أمر شرعي لا يمكن تطبيقه إلا من خلال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، إذ إنها تعد جزءًا من الأحكام، ولهذا بقدر ما يكون تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع مجالات الحياة بقدر ما تكون الشورى مبدأ معتمدًا، وبالتالي فإن الشورى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتطبيق السليم لأحكام الشريعة الإسلامية، أما فيما يخص الديمقراطية فهي لا تخضع لأي حكم من أحكام الدين فهي بالأصل ترتبط بالسياسة، وهي تركز على أن تكون السيادة فيها للأمة.

3. المجال المتناول

الشورى لا تكون إلا تحت سيادة الشرع، فلهذا لا بد من أن يكون المجال الذي تتناوله الشورى محددًا، فالنصوص الشرعية مثلًا لا يوجد فيها مجال للشورى، إذ إن الشورى تكون في المجالات الاجتهادية، أما الديمقراطية فقد أعطت الأمة السيادة في كل شيء.

4. الهدف

الهدف من الشورى هو الوصول إلى الرأي الصحيح بالاستناد إلى دلائل شرعية للوصول إليه، ويحقق هذا الرأي المصلحة العامة، أما الديمقراطية فهي تعتمد على الكثرة العددية المعتمدة على التصويت، وتغض الديمقراطية النظر عن الواقع الذي ستكون عليه الأمة مستقبلًا، وهي تأخذ رأي الأغلبية حتى و‘ن كان هذا الرأي فيه هدم للمصلحة العامة.

5. المخولون

المخولون في الشورى مجموعة من الناس يكونون محل ثقة، وقادرين على تحمل المسؤولية، وأصحاب علم ومعرفة، أما الديمقراطية فتعتمد على مبدأ التعددية، إذ إن كل شخص له دور في التصويت لاختيار الحاكم.

6. الضوابط

الشورى مضبوطة بأحكام الشريعة الإسلامية؛ لذلك فإن احتمال الخطأ فيها قليل، بينما الديمقراطية تقوم على رأي الشعب، لذلك من الممكن أن تتسبب بإتاحة المجال لإفساد المجتمع؛ وذلك لسهولة التأثير على آراء العامة.

7. مدى الإلزام

الشورى غير ملزمة وتكون فقط في القضايا الاجتهادية، بينما الديمقراطية ملزمة لأنها تأخذ برأي الأغلبية.

أهل الشورى

إن الشورى هي أمر رباني من الله سبحانه وتعالى، وأهل الشورى يجب أن يكونوا من أهل العلم والرأي والمعرفة بمصالح الشعب والأمة، ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بطاعة أهل الشورى، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"،^[٧] والمقصود بأولي الأمر أهل الشورى، فلقد جاء الإسلام برسالة تامة ومتكاملة فإذا التزم أهل الرأي والعلم بها كانت الأمة أمةً مستقلة في جميع أمورها.^[٨]

خصائص الديمقراطية

تمتاز الديمقراطية بمجموعة من الخصائص، ومن هذه الخصائص ما يأتي:^[٩]

1. السيادة التامة للشعب، إذ إن الشعب يحكم نفسه بنفسه من خلال اختيار الحاكم.
2. تقديس الإرادة العامة للجمهور، إذ يكون طلب الجمهور هو أهم شيء.
3. الأخذ برأي الأغلبية، إذ إن رأي الأغلبية هو الرأي الصادق والمعتمد.
4. اعتماد العقل في إقرار القوانين سواء أكان عقل الفرد أم عقل الأغلبية كونه يحقق المصالح المطلوبة.