آداب النوم

يُسنّ للمسلم أن يفعل عدّة أمورٍ قبل نومه اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد صحّ عنه -عليه الصلاة والسلام- العديد من الآداب والسنن التي كان يفعلها قبل نومه، ونذكر من أبرزها ما يأتي:


النوم على الشق الأيمن

يُسنّ أن ينام المرء على جنبه الأيمن، فقد كان النبيّ الكريم ينام على يمينه، ويضع يده اليُمنى تحت خدّه،[١] وقد قال السيوطي: "وخصَّ الأيمن لأنَّه أسرع إلى الانتباه، فإنَّ القلب يتعلَّق إلى جهة اليمين فلا يثقل بالنوم"، وقال ابن الجوزي: "هذه الهيئة نصَّ الأطبّاء على أنَّها أصلح للبدن..."، ونذكر الأدلّة على هذه السنة فيما يأتي:[١]

  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ...).[٢]
  • عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ...).[٣]


الوضوء قبل النوم

يُسنّ للمسلم أن ينام على طهارة، فقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الوضوء قبل النوم، ولو توضّأ المسلم لصلاة العشاء وبقي على وضوئه حتّى نام كان متَّبِعاً للسنة إن شاء الله، لأنّ المقصود هو النوم على طهارة.[٤]


إغلاق الأبواب وإطفاء النار والمصابيح قبل النوم

أرشد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمّته إلى القيام بالعديد من السّنن والآداب المتعلّقة بالنوم، ومنها إغلاق الأبواب وإطفاء النيران والمصابيح قبل النوم، وقد أمر بإطفاء النّار خوفاً من اشتعالها على أهلها وهم نائمون، أمّا أمره بإغلاق الأبواب فقد ثبت في أحاديث أخرى أنّ الشيطان لا يفتح الباب المغلق، وحتى يحفظ الإنسان نفسه وأهله وماله من الفساد والعبث، ونذكر أبرز الأدلة على هذه الآداب فيما يأتي:[٥]

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَطْفِئُوا المَصابِيحَ باللَّيْلِ إذا رَقَدْتُمْ، وغَلِّقُوا الأبْوابَ، وأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وخَمِّرُوا الطَّعامَ والشَّرابَ)،[٦] وتخمير الطعام يعني ستره وتغطيته.
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ هذِه النَّارَ إنَّما هي عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فأطْفِئُوهَا عَنْكُمْ).[٧]
  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ -أوْ أمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ؛ فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ، واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا...).[٨]


نفض الفراش قبل الاضطجاع عليه

يُستحبّ نفض الفراض ثلاث مرّات قبل النّوم مع التسمية أثناء النّفض، ويدلّ على ذلك قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءَ أحَدُكُمْ فِراشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ...)،[٩][١٠] والحكمة من ذلك حتى ينفض عنه الأذى إن وُجِد، فقد قال النووي -رحمه الله-: "وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَنْفُض فِرَاشه قَبْل أَنْ يَدْخُل فِيهِ، لِئَلَّا يَكُون فِيهِ حَيَّة أَوْ عَقْرَب أَوْ غَيْرهمَا مِنْ الْمُؤْذِيَات".[١١]


ما هي أذكار النوم؟

من آداب النوم أيضاً أن يحرص المسلم على قراءة الأذكار المأثورة قبله، ونذكر من أبرزها ما يأتي:


أذكار النوم من القرآن

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لا ينام حتى يقرأ شيئاً من القرآن، فيُسنّ للمسلم أن يتّبع هذا الأدب، لأنّ تلاوة القرآن قبل النوم تحفظ المسلم من الشيطان والأذى بإذن الله، ويُسنّ قراءة ما يأتي من السور:

  • آية الكرسي

إذ ثبت في قصة أبي هريرة -رضي الله عنه- والشيطان أنّ الشيطان قال له: "... إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} 255، حتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ؛ فإنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبَنَّكَ شَيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ..."، ولمّا أخبر أبو هريرة النبيّ بذلك أقرّه وقال: (أَمَا إنَّه قدْ صَدَقَكَ، وهو كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَن تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ذَاكَ شَيطانٌ).[١٢]


  • سورة الإخلاص والمعوّذتين

عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ).[١٣]


  • أواخر سورة البقرة

قال -عليه الصلاة والسلام-: (الآيَتانِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَن قَرَأَهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ)،[١٤] ولفظ كفتاه يحتمل عدّة معانٍ كلّها صحيحة، وهي أنّها تكفيه من الشيطان، ومن الآفات، وتكفيه عن قيام تلك الليلة.[١٥]


أذكار النوم من السنة

من آداب النوم أن يحرص المسلم على قراءة أذكاره الخاصة قبل أن ينام، وهي عديدة، ونذكر أبرزها فيما يأتي:

  • (باسْمِكَ اللَّهُمَّ أمُوتُ وأَحْيَا).[١٦]
  • (اللهم قِنِي عذابَك يوم تَجمعُ أو تَبعثُ عِبادَك).[١٧]
  • (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي بكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي، فَاغْفِرْ لَهَا، وإنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بما تَحْفَظُ به عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ).[١٨]
  • (اللَّهُمَّ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا، لكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وإنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ العَافِيَةَ).[١٩]
  • (اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ).[٢٠]

المراجع

  1. ^ أ ب الجلال السيوطي، مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، صفحة 1289، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:6311، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:6314، صحيح.
  4. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1388، جزء 9. بتصرّف.
  5. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 57، جزء 10. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:6296، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:6294، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:5623، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7393، أورده في صحيحه وذكر له متابعة وعلق عليه.
  10. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 100، جزء 2. بتصرّف.
  11. النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 37-38، جزء 17.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2311، معلق وصححه العديد من المحدثين.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5017، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم:4008، صحيح.
  15. النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 91، جزء 6. بتصرّف.
  16. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن حذيفة بن اليمان ، الصفحة أو الرقم:6324، صحيح .
  17. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:3398، حسن صحيح.
  18. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:2714، صحيح.
  19. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن الحارث، الصفحة أو الرقم:2712، صحيح .
  20. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن البراء بن عازب ، الصفحة أو الرقم:247، صحيح .