حث الإسلام على الاهتمام بالأقارب والأرحام وصلتهم، وجعل قطع الرحم من أقبح الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع: "الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ" [١]، وإلى جانب الأقارب دعا الإسلام الفرد إلى تكوين علاقات مع غيره من المسلمين، وتوطيد تلك العلاقات بالزيارات، وعلى الرغم من كل ذلك وأهميته، إلا أن الإسلام قيد الزيارة بمجموعة من الآداب التي تجعلها تحقق الهدف الأساسي منها؛ وهو صلة الرحم والحفاظ على الروابط الاجتماعية، وتنشئة صحبة صالحة تعين على الحق وعلى مصائب الدنيا ومشكلاتها، ولنفصل تلك الآداب سنعرض أهمها في هذا المقال. [٢]


1. استحضار النية الطيبة

فالنية هي أساس كل عمل، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ" [٣]، لذلك من الضروري استحضار النوايا الخيرة قبل الزيارة؛ لزيادة الأجر، وإبعاد وسوسة الشيطان، وتذكير الإنسان بالخير، فلا أنبل ولا أفضل من استحضار نية مساندة المريض عند زيارته، أو مواساة الحزين، أو مشاركة المسرور، بعكس النوايا السيئة التي تحمل الشر والأذى؛ كإغاظة شخص ما أو استعراض الممتلكات أمامه. [٤]


2. اختيار وقت مناسب للزيارة

ويجب أن يُحدد الوقت بالاتفاق مع المضيف بالتواصل معه عبر الهاتف أو بالطريقة المعتادة، ومن غير اللائق أن تكون الزيارة دون موعد في حال عدم توقع مجيء الضيوف؛ كأن يحدد المريض يومًا للزيارة أو أن يكون في مشفًى يحدد وقتًا للزيارة، ومن الأدب أيضًا أن لا تكون الزيارات متكررة وكثيرة؛ لما يسببه ذلك من ملل ونفور وعبء على أهل البيت أو أصحاب المكان، ومن الضروري الإشارة إلى أنه في حال وجود مناسبة أو حدث يتوقع بسببه المضيف استقبال الناس كولادة مولود جديد يجب تحري الأوقات المناسبة وتجنب أوقات الراحة؛ مثل وقت القيلولة أو الغذاء أو وقت النوم، لذلك من الأفضل دائمًا أخذ موعد مسبقًا لتجنب الحرج. [٥]


3. مراعاة آداب الاستئذان

فعند الوصول إلى مكان الزيارة تجب مراعاة آداب الاستئذان كلها؛ من طرق الباب بلطف لتجنب إزعاج أهل البيت وإفزاعهم، والوقوف على أحد جانبي الباب لتجنب كشف شيء من حرمة البيت، والانتظار بين الطرقة والأخرى لمنح أهل البيت وقتًا لفتح الباب، ومن الضروري الإشارة في هذا السياق إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الاستئذانُ ثَلاثٌ، فإن أذنَ لَكَ وإلَّا فارجِعْ" [٦]، وفيه بيان لمرات الاستئذان ولضرورة تقبل الرجوع في حال عدم الإذن. [٥]


4. الحرص على أن تكون الزيارة نافعة

ولا يشترط بالنفع إقامة مجلس علم أو دين، بل إن النية الطيبة وحدها مع الزيارة القصيرة وتجنب المعاصي من الغيبة والنميمة وغيرها، كفيلة بأن تكون الزيارة نافعة ومريحة للطرفين، فمن غير اللائق أن تكون الزيارة طويلة جدًّا وفيها مضيعة للوقت، كما يجب الحرص قدر الإمكان على تجنب المعاصي والذنوب خلال الزيارة. [٤]


5. تجنب إطلاق البصر في البيت

إذ إن النظر إلى كل ما في البيت أو مكان الجلوس يعد من خوارم المروءة، فمن غير اللائق أن يجول الزائر ببصره في أنحاء البيت، بل يجب عليه ألا ينظر إلى غير ما يقع عليه نظره بالضرورة كمكان جلوسه، لما في ذلك من اختراق للخصوصية، خصوصًا وأن أهل البيت يُجلِسون الضيف في المكان المناسب من البيت والذي يكون مهيئًا لاستقبالهم، ويجب أن يلتزم الضيف بالجلوس فيه وألا يجول في أنحاء المنزل. [٤]


6. تجنب أذية أهل البيت

إذ إن بعض التصرفات التي قد تصدر عن الزائر تكون مزعجة، كرفع الصوت، والتجسس على أهل البيت، وترك الأطفال يخربون المكان، ومن الضروري أن يحرص الزائر على منع حدوث أي منها أو من غيرها من السلوكات المؤذية والمزعجة، ومن ضمن الأذى الذي قد يصيب أهل البيت التحدث في شؤونهم والتدخل فيها، لذلك يجب أن يحرص الزائر على أن يكون حديثه لطيفًا بعيدًا عن كل ما يزعج أهل البيت. [٤]


7. توديع أهل البيت وشكرهم على حسن الضيافة

من تمام أدب الزوار أن يستأذنوا أهل البيت بالخروج، مع شكرهم على حسن الضيافة والاعتذار منهم عن أي إزعاج، إذ يعد ذلك من السلوكات التي تعكس احترام الضيف لأهل البيت وتقديره لهم. [٤]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2555.
  2. محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، صفحة 10. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1.
  4. ^ أ ب ت ث ج "آداب الزيارة"، صيد الفوائد. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "الزيارة فضائل وآداب"، إسلام ويب. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:2690.