لم يترك الإسلام جانبًا من جوانب حياة المسلم إلا وتطرق لها وعرض لها الأحكام والآداب، وذلك ليكون المسلم مثالًا في الأخلاق والآداب، وليحقق القصد من إسلامه، وليصله أجر النية الطيبة، ومن ضمن ما تنبه إليه الإسلام واعتنى به الحديث، لذلك نجد الكثير من الأحاديث والآيات التي تبين ضرورة أن يكون الحديث فيه أدب ومراعاة لمشاعر الآخرين، كما تؤكد كل تلك الآداب أهمية ألا يحمل الحديث في طياته أي مفسدة قد تقع؛ من نقل للحديث، ومن غيبة ونميمة، وغيرها من الكلام الذي لا يراعي الآداب الواردة، وكي نلتزم بآداب الحديث التي بينها الإسلام يجب الاطلاع على تلك الآداب أولًا، وسنعرض أبرزها وأهمها في هذا المقال.


يعرف الحديث بأنه تبادل الكلام مع أي شخص على اختلاف الصلة به واختلاف الهدف من الحديث، وليكون الحديث مراعيًّا للآداب التي حددها الإسلام، يجب أن يراعي ما يأتي:


1. مخاطبة الناس على قدر فهمهم

فمن غير اللائق وغير المنطقي أن يجلس الطبيب ويتحدث مع أقاربه كما يتحدث مع زملائه في المهنة؛ لأن الحديث هنا يفقد أي قيمة له، كما أنه يُشعر السامعين بالحرج لأن ثقافتهم واطلاعهم لا تصل إلى هذا الأمر، فبالتالي قد لا يُفهم الكلام على وجه الدقة أو قد يضطر الجالسون إلى التظاهر بفهمهم له وكل ذلك لا تُحمد عقباه، لذلك فالأولى تجنب طرح أي حديث لا يفهمه السامعون. [١]


2. الحرص على أن يكون الحديث طيبًا ليّنًا

فإن أي حديث لا يراعي نفسية الشخص المقابل يفتقر إلى الأدب، إذ يجب على المسلم أن ينتقي أفضل الكلمات وأحسنها ليعبر عن أفكاره النبيلة، أو ليتحدث عن أمر يهمه، فليس مؤدبًا من يجرح غيره بكلامه أو من يستخدم ألفاظًا بذيئة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: "الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ" [٢]، ومن لا يتحرى الحديث الطيب لا يسلم أحد منه، لأن الكلام المسموم يترك أثرًا كبيرًا في النفس البشرية. [٣]


3. التفكير في الكلام قبل التلفظ به

وذلك لأن التحدث دون تفكير بطريقة عفوية قد يتسبب بقول ما لا يجب، أو قد يتسبب بجعل طريقة الكلام فظة وغير لائقة، لذلك يجب أن يحرص المسلم على التفكير فيما سيقوله، ويسأل نفسه هل لو سمع هذا الكلام من أحد سيكون راضيًا أم لا، ومن الضروري أن يعوّد المسلم نفسه على ذلك خصوصًا الأشخاص الذين يتحدثون عادة بعفوية ودون تفكير، وقد قال تعالى في ذلك: "وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا". [٤][٥]


4. قول الخير أو الصمت

وقد بين رسول الله ذلك في حديثه: "مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ" [٦]، وإن الربط بين الإيمان وقول الخير يدل على شدة قبح الكلام السيئ الذي يحمل الشر، وما له من أثر ينعكس على الإيمان، وإن القارئ لهذا الحديث والمتؤمل له يستنتج أن من يقول كلام الشر يكون إيمانه ناقصًا؛ وذلك لاشتراط قول الخير أو الصمت على من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. [١]


5. حفظ الأسرار

فإذا كان المسلم مؤتمنًا على سر أحدهم يجب ألا يحدث به أحدًا وأن يحرص على ذلك ويجاهد نفسه في كتمانه، لأن السر أمانة والمسلم لا يخون الأمانة، وقد دعا الإسلام إلى تحري كتمان السر لما يعلمه من طبيعة النفس البشرية التي تميل إلى تناقل الأخبار والأسرار. [١]


6. الحديث بصوت مسموع وواضح

ويشمل ذلك تجنب رفع الصوت أو خفضه زيادة عن اللزوم، لما يترتب على الحالتين من أذى؛ لأن الصوت المنخفض غير مسموع ولا يتحقق منه قصد الحديث، أما الصوت المرتفع فيؤذي السامع ومن حوله، وقد قال الله تعالى في ذلك: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ". [٧][١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "آداب الكلام والمحادثة"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:41.
  3. "آداب الكلام والمحادثة"، إسلام ويب. بتصرّف.
  4. سورة الإسراء، آية:53
  5. "آداب الحوار في الإسلام"، طريق الإسلام. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6138.
  7. سورة لقمان، آية:19