إن إفشاء السلام من الأفعال والعادات التي حث الإسلام على الالتزام بها، لدرجة جعل رد السلام حقًّا من حقوق المسلم على أخيه، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ" [١]، كما جعل إفشاء السلام شرطًا لاكتمال الإيمان، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ" [٢]، ولأن الشريعة الإسلامية عظّمت من تحية السلام وجعلت لها أهمية ومكانة كان لا بد من وجود مجموعة من الآداب التي يشترط توفرها في السلام؛ وذلك لتنظيمه بما يرقى مع المقصود منه، وهو نشر المحبة بين الناس، وسنعرض في هذا المقال أهم الآداب الواردة في إفشاء السلام. [٣]
1. مراعاة الأولوية في بدء السلام
في بعض الأحيان قد يقع المسلم في حيرة من أمره عندما يتساءل عمن يجب أن يبدأ بالسلام، ولأن الإسلام اهتم بكل ما قد يشكل علينا فإنه قد حدد أولوية لبدء السلام في أغلب الحالات؛ إذ يسلم الصغير على الكبير، والماشي على الجالس، والراكب على الماشي، والقليل على الكثير، وذلك في حديثه صلى الله عليه وسلم: "يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ علَى الماشِي، والماشِي علَى القاعِدِ، والقَلِيلُ علَى الكَثِيرِ" [٤]، ويظهر في تلك الأولويات مراعاة الحال والسن، وهذا ما يسهل إفشاء السلام بين الناس. [٥]
2. تعميم السلام
وفي هذا الأدب نهيٌ عن تخصيص السلام لأحد من الجالسين؛ لما في ذلك من خلق للبغض والحقد بين الناس، وعليه فإن المسلم إذا مر بمجموعة من الناس أو دخل عليهم يجب أن يلقي السلام بما يُفهم منه أنه يسلم على الجميع، لا أن يذهب إلى صديقه أو أحد أقاربه ويخصص السلام له. [٦]
3. الرفق واللين في السلام
فبعض الناس يظن أن إفشاء السلام يعني الغلظة والشدة ورفع الصوت، لكن هذا في الحقيقة يتعارض مع الهدف من إفشاء السلام وهو نشر المحبة والطمأنينة، إذ يجب أن يُراعى في السلام عدم التسبب بالإزعاج للجالسين أو القلق للنائمين، مع مراعاة أن يكون السلام بصوت مسموع وليس مخافتة لا يُفهم معناها. [٦]
4. تكرار السلام
وذلك في حال السلام على عدد كبير من الأشخاص يشك في سماعهم للسلام من المرة الأولى، وأخذنا هذا الأدب عن قول أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان إذا تكلَّمَ بكلمةٍ أعادَها ثلاثًا، حتى تُفْهَمَ عنه، وإذا أتى على قومٍ فسلَّمَ عليهم، سلَّمَ عليهم ثلاثًا" [٧]، وفي ذلك نشر للمحبة والطمأنينة وتعميم لها، وحتى لا يظن البعض أن السلام لا يشملهم. [٦]
5. إلقاء السلام ورده بصوت مسموع
لأن عكس ذلك لا يحقق القصد من إفشاء السلام، كما أنه قد يتسبب ببعض الأحقاد، فالأولى بالسلام أن يكون مفهومًا مسموعًا واضحًا، لا أن يكون بصوت خفيض غير مسموع، وقد يخطئ البعض بظنهم أن إلقاء السلام أو رده بتحريك الشفاه أو بالهمس كافيًا، ولكن عليهم الانتباه إلى أن الصوت المسموع من آداب السلام المهمة. [٦]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1240.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:54.
- ↑ الصالحين من كلام سيد المرسلين **/باب آداب السلام/i105&d68515&c&p1 " كتاب السلام"، نداء الإيمان. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6233.
- ↑ "من أحكام التحية وآدابها"، صيد الفوائد. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "آداب وأحكام إفشاء السلام"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4694.