من الصفات التي ذمَّها الإسلام، والتي وُجدت بالجاهلية صفة الكبر، فقد كان العرب قبل الإسلام يتباهون على بعضهم بعضًا، سواء أكانت تلك المباهاة لغني على فقيرٍ، أم لذي حسب على غيره، أم تفاخرًا بين عوام الناس بالمال، وما إلى ذلك من مظاهر الكبر، إلى أن جاء الإسلام وجمع الناس على شاكلةٍ واحدةٍ، ولم يجعل بينهم فرقًا إلا بالتقوى، التي خُصَّت في علمها عند الله سبحانه وتعالى، بل ورفع من شأن خلق التواضع الحميد، الذي كان نقيضًا لخلق التكبر الذميم، فحثتنا الشريعة على التواضع، وجعلت لها شأنًا كبيرًا، وأجرًا عظيمًا عند الله سبحانه وتعالى، ولإيضاح الأمر سنعرض في هذا المقال صفات كل من المتكبر والمتواضع، كما سنأتي على ذكر المجالات التي يظن المتكبر أنها تميزه عن غيره وتعطيه حق التكبر.
صفات المتكبّر
التكبر هو النَّظر للغير بعين الاستصغار واستحقارهم، وتعظيم الإنسان لنفسه مقارنةً بالغير، وهو ما وصفه الَّنبي صلى الله عليه وسلم ببطر الحق، أي رفض قبول الحق، والتَّرفع عنه، ولكن لا بدَّ لنا نم أن نعي أنّ الكبر من صفات الله عز وجل، ومن أسمائه الحسنى (المتكبر)، إذ إنها صفةٌ لا تليقُ إلّا بالله عزَّ وجل، ولا تنبغي لأحدٍ غيره سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ"،[١] وقال صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: الكبرياءُ ردائي والعظمةُ إزاري فمَن نازَعني واحدًا منهما ألقيتُه في النَّارِ"،[٢][٣] وإن صفة التكبُّر تظهر على الإنسان في العديد من الأفعال، وفيما يأتي تفصيل لأهمها:[٤]
1. الاستعلاء على الحق والاستهزاء بالآخرين
فالمتكبِّر هو الذي لا يتَّبع ما شرَّعه الله سبحانه وتعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم، ويردُّ ما جاؤوا به ويعلو على الحق، وأيضًا يتفاخر أمام النَّاس بماله أو منصبه أو جاهه، كما يحتقر ويزدري من هم دونه من الآخرين، ومن يفعلُ ذلك لا شكَّ في أنّه آثم، وأنَّ الله سيحاسبه على تكبّره واستهزائه بالنَّاس.
2. الحسد والحقد
فنرى في نفس المتكبر حسدًا لمن هم حوله من أقرانه أو أصدقائه، ودائمًا ما يتحدَّث عن مكانة فلان، وعن أملاك فلان، وعن علم فلان، لذلك يجرُّه حسده لغيره إلى الحقد والكره.
3. عدم السَّماع للآخرين
فنجد المتكبِّر لا يحبُّ أن ينصحه أحد، أو أن يُشاوره أحد في أمرٍ معيَّن، كما أنه لا يحبُّ الاتِّعاظ من غيره، وهذه من الصِّفات الخطيرة التي تقود صاحبها إلى طريقٍ خاطئ أو مسدود.
بيان ما يتكبر به المتكبر
لا بد وأن الشخص المتكبر يستعرض في نفسه مجموعة من المميزات التي يظن أنها تعطيه الحق في التكبر، وفيما يأتي عرض لأبرز ما يدعوه للتكبر في نظره:[٣]
- العلم: فيستشعر العالم المتكبر تعظيم النّفس مقارنةً بالغير؛ كأنّه حاز العلم كله وأخذ الكمال عنده.
- الحسب والنسب: وهي صفةُ النَّاس في الجاهلية، فقد كانوا يتكبرون على الناس كلٌّ بحسبه ونسبه.
- المال: وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ينظرُ اللهُ يومَ القيامةِ إلى من جرَّ ثوبَه من الخُيلاءِ"،[٥] وذلك كنايةً عن تكبُّر الأغنياء، وترفُّعهم عن الفقراء.
- كثرة الأتباع والمناصب: إذ يرى الإنسان نفسه متعاليًا متكبرًا عن الغير، فقط لأنّه ابن حسب، أو نسب محدد، وله مركزه بين الناس وفي المجتمع.
صفات المتواضع
يمتاز الإنسان المتواضع بالعديد من الصفات الحميدة التي تجعل منه إنسانًا محبوبًا وله مكانة بين الناس، وفيما يأتي عرض لأهم تلك الصفات التي يمكن أن نميزه بها:[٦]
- أنَّه لا يحبُّ الظهور أمام الناس، ولا يحب الشُّهرة، بل إذا كان بين الناس لم يتصدَّر عليهم في المجلس، ويجلس بكل احترام وأدب، فيعطي رأيه ويتكلَّم مع الجالسين ويستمع لهم.
- أنَّه يُرجع الفضل والإحسان لله سبحانه وتعالى، فإذا رأى في نفسه خيرًا لم يُرجعه أو ينسبه لنفسه.
- يحفظ المعروف لأهله ويقدِّر كل من قدَّم له شيئًا من المساعدة، حتى لو كان من قدَّم له معروفًا دونه أو أقل منه منزلة، فإنَّ ذلك لا يمنعه من رد المعروف وشكره.
- أنه يقبل العمل بأي شيء مباح غير محرَّم، وهذا من فعل الأنبياء عليهم السَّلام، فلا يحتقر العمل مهما كان، وكثيرًا ما نجد اليوم من الشَّباب من يبتعدون عن عملٍ ما، بحجة أنَّه لا يليق بهم أو لا يحبُّون أن يتكلَّم النَّاس عنهم أنهم يعملون في تلك المهنة.
المراجع
- ↑ سورة الأعراف ، آية:146
- ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:736.
- ^ أ ب أحمد فريد (19/3/2012)، "الكبر "، إسلام ويب ، اطّلع عليه بتاريخ 8/8/2021. بتصرّف.
- ↑ حسام الكيلاني ، "الكبر عند بعض طلبة العلم "، صيد الفوائد ، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2037.
- ↑ "كيف أكون متواضعاً "، اسلام ويب ، 12/10/2004، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.