للنصيحة في الإسلام أهمية عظيمة لدرجة أنها تعد من حقوق المسلم على أخيه، وقد ورد ذلك في حديثه صلى الله عليه وسلم: "حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ سِتٌّ قيلَ: ما هُنَّ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عليه، وإذا دَعاكَ فأجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ له، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ وإذا ماتَ فاتَّبِعْهُ" [١]، وإن ذكر النصيحة في هذا الحديث يدل على أنها فعل مهم جدًّا وله تأثير كبير في حياة كل مسلم، فمن منا لا يحتاج إلى نصيحة، لكن العلة تبقى في طريقة النصيحة وأسلوبها وكل ما يتعلق بتقديمها لتكون النصيحة مقبولة وتؤدي الغرض منها وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولإيضاح ذلك سنعرض في هذا المقال أهم شروط النصيحة وآدابها.


1. العلم والاطلاع

إذ يجب أن يكون الناصح على معرفة واطلاع بالشيء الذي سينصح به أخاه المسلم؛ فمن غير المنطقي أن ينصح أحد الآخر فيما يتعلق بطريقة الوضوء وهو غير مطلع على واجبات الوضوء وسننه، وهذا الأمر ينطبق على كل المجالات التي يمكن النصح بها، بل إن النصح دون علم يكون له أثر سلبي كبير بعكس النصيحة عن علم والتي تحمل تأثيرًا إيجابيًّا وتغييرًا حقيقيًّا. [٢]


2. الإخلاص لله تعالى

وإن كل عمل لا يقصد به وجه الله تعالى باطل ولا فائدة منه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ" [٣]، لذلك يجب أن يحرص المسلم قبل إلقاء النصيحة على أن يقصد بها وجه الله، وأن تكون طاعة لأوامره، واجتنابًا لنواهيه، لا أن تكون استعراضًا لتفوق النفس في الطاعة أو العلم، ولا لإثارة الحقد والكراهية. [٤]


3. اختيار الوقت والمكان المناسبين

حتى تؤدي النصيحة الغرض منها وتحقق الهدف المنشود، من الضروري الحرص على أن تكون في الوقت المناسب وفي المكان المناسب، فمن غير اللائق نصح المسلم لأخيه في جماعة من الناس؛ لأن ذلك يعرضه للإحراج، كما أنه يفضح أمره أمام الكثير من الناس، كما أن النصح في أوقات غير مناسبة قد يؤدي نتيجة عكسية كالنصح في حالات الحزن الشديد أو الفرح الشديد. [٥]


4. انتقاء أفضل الكلمات وإظهار الحب

لا تكون النصيحة إلا في أمر ناقص أو سلوك خاطئ لدى المسلم، لذلك فإنها تعد نقطة حساسة لا تحب النفس الحديث فيها، ولتخفيف وقع النصيحة على النفس وزيادة تأثيرها يجب أن يظهر الناصح الود لأخيه، وأن يختار ألطف الكلمات والألفاظ لإيصال نصيحته. [٤]


5. النصح في السر

إذ إن النصيحة في العلن تكون فضيحة كما قال القدماء، كما أنها تسبب ردود أفعال حادة؛ لأن المنصوح يشعر بأنه في مقام الدفاع عن نفسه أمام الملأ، أما إذا كانت النصيحة سرية يراد بها وجه الله مع مراعاة اللطف واللين والاطلاع وانتقاء أفضل الكلمات فإنها لا بد وأن تصل إلى أذن المنصوح حتى ولو لم يعمل بها فورًا. [٢]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2162.
  2. ^ أ ب "الدين النصيحة"، صيد الفوائد. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1.
  4. ^ أ ب "النصيحة وآدابها"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  5. "آداب النصيحة "، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.