يتميز الفرد المسلم عن غيره بمجموعة من الصفات والأخلاق، ومن أهم هذه الصفات هو التواضع، فالتواضع صفة من الصفات الحميدة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وحث على الالتزام بها، كما حث عن الابتعاد عن التكبر الذي قد يؤدي بصاحبه إلى النار، فقد وردت الكثير من الآيات الكريمة التي تحث على التواضع وتبين الأجر والثواب الذي سيحصل عليه المتواضع، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"[١]، ولأن التواضع صفة مهمة فسنعرض في مقالنا أهم ما يتعلق بثمرات التواضع وما يتفرع عنها.
ثمرات التواضع
توجد الكثير من الثمرات التي يجنيها المسلم من التواضع، وسنذكر بعضًا من هذه الثمرات فيما يأتي:[٢]
1. نيل محبة الله سبحانه وتعالى ورضاه
فالتواضع هو السبيل الذي يتمكن المسلم من خلاله من الوصول إلى محبة الله سبحانه تعالى، ومن خلال التواضع يتقرب المسلم من الله تعالى ومن الناس، كما أن الله سبحانه وتعالى يحفظ المتواضع ويتكفل برعايته وحمايته.
2. الفوز بكرم الله سبحانه وتعالى في الآخرة
بما أن التواضع هو خلق حسن، فإن الله سبحانه وتعالى يحث على التحلي به، وبما أن المتواضع يستسلم للحق ولا يعترض على الحكم الذي نزل عليه، فإن الله عز وجل يكافئه على صبره ويكرمه في الآخرة؛ لأنه صبر وتحمل وخشع واستسلم ورضي بالحكم.
3. زيادة الرفعة
فقد ورد حديث يبين أن التواضع يؤدي إلى الرفعة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ"[٣]، وتعني الرفعة ارتفاع القدر والشأن.
4. الفوز بالجنة
يعد التواضع من الصفات الحميدة التي حث الإسلام على الالتزام به فالتواضع يعود على المجتمعات بالفائدة ويعود على الشخص نفسه بالفائدة، كما أن التواضع صفة مضادة للكبر، والله سبحانه وتعالى سيجزي المتواضعين في الآخرة بأن يكون مصيرهم الجنة إن شاء الله.
5. البركة في العمر والرزق والمال
توجد أسباب كثير تؤدي إلى البركة في الرزق والمال، ومن أهم هذه الأسباب الحرص على الأفعال التي ترضي الله سبحانه وتعالى والالتزام بالأخلاق الحميدة، ويعد التواضع سببًا واضحًا لجلب البركة والرزق؛ فمن تواضع أحبه الله، وإذا أحب الله عبدًا أكرمه.
تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تواضعًا، فالرسول هو القدوة الحسنة للناس، وقد قال الله سبحانه وتعالى في ذلك: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"[٤]، وقد كان صلى الله عليه وسلم متواضعًا خلال فترة دعوته للناس إلى الإسلام وبعدها؛ إذ إنه كان إذا مر على صبيان صغار يرد السلام عليهم، وكان أيضًا يساعد أهل بيته فيحلب الشاة لهم، وكان يضع الطعام للبعير، ويأكل مع الخدم، ويجلس مع المساكين، ويمشي مع المرأة الأرملة في حاجتها، ومع اليتيم كذلك، وكان يلبي دعوة من دعاه، وتوجد مواقف كثيرة تعكس تواضع النبي صلى الله عليه وسلم.[٥]
تعريف التواضع وشروطه
التواضع في اللغة من التخاشَع والتذلَّل، وعكسه التكبَّر[٦]، أما في الاصطلاح فيعرف التواضع بأنه استسلام الشخص للحق دون الاعتراض على الحكم، والتواضع صفة أعم من الخشوع؛ فالخشوع يكون بين العبد وربه، بينما التواضع يكون مع العباد فيما بينهم، وبين العبد وربه، وقد قال ابن عطاء: "التواضع هو قَبُولُ الحقِّ من كلِّ مَنْ قاله".[٧]
وليكون التواضح محمودًا يجب أن يتوفر فيه شرطان، وهما كالآتي:[٨]
- الإخلاص: يجب أن يقصد المسلم في تواضعه رضا الله سبحانه وتعالى، وقد قال الله سبحانه وتعالى في ذلك: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ".
- القدرة: يجب أن يكون المسلم قادرًا على فعل ما يريد أو ترك ما لا يريد فعله، ليكون سلوكه تواضعًا وليس إجبارًا، إذ يجب أن يختار التواضع مع قدرته على فعل عكسه، لذلك لا يوصف الضعيف بالتواضع لأنه لا يملك خيارًا آخر، وفي ذلك تأكيد على أن التواضع صفة قوة وليس صفة ضعف كما يظن البعض.
كيفية اكتساب التواضع
يستطيع الإنسان اكتساب التواضع من خلال بعض الأمور التي تعينه على هذه الصفة الحميدة، مثل تربية النفس على ترك شراء الملابس غالية الثمن، وهذا الأمر كان مطبق لدى بعض الصالحين، ليس من باب الفقر والقلة بل من باب التواضع، وأيضًا من الممكن كسب التواضع من خلال الجلوس مع الفقراء والمساكين كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فالجلوس مع الفقراء والمساكين يكسر في النفس الكبر، ويزيد الفرد تواضعًا، كما أن الإذعان للحق والاستسلام له يربي النفس على التواضع.[٢]
المراجع
- ↑ سورة الفرقان، آية:63
- ^ أ ب " التواضع"، الموقع الرسمي للشيخ محمد صالح المنجد. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:21
- ↑ " تواضع النبي صلى الله عليه وسلم"، الالوكة. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى تواضع في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني.
- ↑ " فضل التواضع (خطبة)"، الالوكة. بتصرّف.
- ↑ " التواضع في الإسلام"، الالوكة. بتصرّف.