عند الحديث عن الآداب التي يجب على المسلم التحلي بها في حياته اليومية غالبًا ما يأتي الذكر على آداب الحديث وآداب الحوار، بينما لا تأخذ آداب الاستماع حقها على الرغم من أهميتها الكبيرة وتأثيرها في مستوى الحوار ونفسية الأشخاص، لدرجة أن الشخص الذي لا يتحلى بآداب الاستماع نجد أن الناس لا تفضل محاورته والحديث معه، ونحن في هذا المقال سنسلط الضوء على آداب الاستماع بوصفها جزءًا لا يتجزأ من الحوار والحديث والسلوكات اليومية في حياة المسلم.


1. الاستماع باهتمام وتركيز

يعرف الاستماع في اللغة بأنه الإصغاء إلى الكلام لفهم القصد منه، وعليه فإن التظاهر بالاستماع والتركيز مع تحريك الرأس ليست سلوكات كافية، بل إن فهم المقصود من الكلام أمر أساسي ليكون الحوار مفيدًا وغنيًّا بتبادل التجارب والمعارف، كما أن الاستماع باهتمام وتركيز ينعكس إيجابًا على الشخص المتحدث، فتجده ينطلق بالكلام ويعبر بالحديث أمام الشخص الذي يتمتع بالقدرة على التركيز في حديثه والاهتمام به، وقد يظن البعض أن هذا الأدب من آداب الاستماع بسيط ويمكن لأي شخص التحلي به، لكنه في الحقيقة صعب ويحتاج إلى تدريب؛ فالإنسان بطبعه يحب أن يتحدث دون أن يستمع؛ ليتصدر الجلسات ويجذب الأضواء، وهذا ما يجعل الكثيرين غير جيدين في الاستماع. [١][٢]


2. عدم الاستماع للغيبة وقبيح الكلام

كما هو محرم على المسلم أن يغتاب أحدًا بلسانه فإنه محرم عليه الاستماع للغيبة نفسها؛ لأن الجلوس في مجالس الغيبة والاستماع لها ما هو إلا إقرار بفعل الغيبة وبالكلام الذي يقال، وإن التصرف الصحيح في حالة كهذه هو نهي المتحدث عن حديثه والدفاع عن الشخص المذكور بسوء، وقد قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: "مَن رَدَّ عِن عِرضِ أخِيهِ، كان له حِجابًا من النارِ" [٣]، كما أن الاستماع إلى الكلام الفاحش والبذيء ليس من الأدب، فالأولى النأي بالنفس عن مثل هذه المجالس، وفي حال حضورها يجب إسكات الشخص البذيء أو مغادرة المجلس مع مراعاة حماية النفس من الأذى في أي من الخيارين. [٢]


3. البشاشة والابتسام

من الآداب والسلوكيات التي يجب على المستمع مراعاتها هي بشاشة الوجه وطلاقته، فمن منا يحب أن يتحدث مع شخص عابس طوال الوقت، لذلك يجب الحرص على تذكر الابتسامة والسماح للوجه بأخذ التعبيرات المناسبة حسب سياق الكلام، وقد دعت الآداب الإسلامية إلى الابتسام وحثت عليه في أكثر من موضع، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ" [٤]، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الابتسامة تبعث على الشعور بالارتياح والطمأنينة، إلى جانب أثرها الكبير في امتصاص الغضب وكسر الجمود. [٥][٢]


4. حفظ الأسرار

من الطبيعي أن تشهد بعض الحوارات ذكرًا لبعض الأسرار؛ فالإنسان بطبعه يميل إلى الفضفضة والحديث عن همومه ومشكلاته عله يجد لها حلًّا أو يلاقى دعمًا، ولكن من غير الطبيعي أن يفشي المستمع الأسرار التي سمعها في المجلس ويتناقلها بين معارفه، فهذه من خوارم المروءة، ولا يوجد أقبح من فعل ذلك؛ لأن الحديث في المجالس أمانة ومن يفشي السر يخون الأمانة، كما أن الأصل في المسلم أن يستر على أخيه وأن يحاول سد خلله وإصلاح خطئه، لا أن يفضحه ويسبب له الحرج، ومن الضروري تعويد النفس على عدم إخراج الحديث خارج المجلس حتى وإن كان بسيطًا، لأن في ذلك انتهاك للخصوصية وخلق للمشكلات. [٢]


المراجع

  1. "تعريف و معنى الاستماع في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "مهارات الإصغاء وآدابه"، صيد الفوائد. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:6263.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2626.
  5. "الإنصات.. فن لابد منه"، إسلام ويب. بتصرّف.