النكاح سنَّةٌ من سنن الله -عزّ وجلّ- في خلقه، إذ أحلّ لنا الزواج والنكاح ضمن أُسسٍ وقواعد تنشأ على إثرها أسرةٌ تُسهم في بناء المجتمع، وكما حثّت الشريعة الإسلاميّة على النكاح؛ فقد نظّمت عقد النكاح ووضعت له شروطًا تنظّمه؛ ليحقّق النكاح الغاية التي شُرع لأجلها، وآتيًا حديثٌ عن عقد الرجل النكاح لنفسه، ما يدخل فيه من صورٍ وما قول العلماء في كلّ صورةٍ منها؟
عقد الرجل النكاح لنفسه
تتبادر إلى الذهن عند ذكر هذا العنوان صورٌ وأحوالٌ لعقد النكاح؛ كمباشرة الرجل لعقد زواجه بنفسه أو توكيل غيره عنه، أو صورة وحال عقد الرجل للنكاح دون حضور وليّ المرأة، أو أن يكون الرجل نفسه وليًّا للمرأة، وآتيًا بيان هذه الصور وأحكامها.
مباشرة الرجل لعقد زواجه بنفسه أو توكيل غيره
يُشرع للرجل أن يتولّى عقد زواجه بنفسه، أو أن يوكلّ غيره لينوب عنه في عقد النكاح إن لم يكن حاضرًا، ولا يُشترط أن يكون الوكيل عن الرجل من أقاربه؛ لكون الوكالة من العقود الجائزة إجمالًا، ولا حرج في ذلك.[١]
عقد الرجل للنكاح دون حضور وليّ المرأة
إنّ من شروط عقد النكاح الصحيح: حضور ولي المرأة، وشاهدين عدلين أيضًا لمجلس عقد النكاح، ووليّ المرأة إمّا أبوها أو أخوها أو عمّها أو ابن عمها أو الحاكم أو القاضي في حال عدم وجود قريبٍ للمرأة يتولّى أمرها، فإذا عقد الرجل النكاح لنفسه؛ فزوج نفسه بنفسه دون وجود ولي المرأة وموافقته أو وجود وكيلٍ عنه؛ فإنّ ذلك غير جائزٍ شرعًا عند جمهور أهل العلم الذين يشترطون حضور الولي خلافًا للحنفية، واستدلّ جمهور العلماء في قولهم بوجوب حضور وليّ المرأة في عقد النكاح على جملةٍ من الأدلة، منها: حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "لا نكاحَ إلا بولِيٍّ، وشاهِدَيْ عَدْلٍ".[٢][٣]
عقد الرجل النكاح لنفسه إن كان هو وليّ المرأة
إذا كان الرجل الذي يعقد النكاح لنفسه هو وليّ المرأة أو وكيلٌ عنه؛ كأن يكون الرجل الذي يريد العقد ابن عمٍّ للمرأة وهو وليّها في ذات الوقت، فقد اختلف العلماء في جواز ذلك على قولين:[٣]
- القول الأوّل: جواز عقد الرجل النكاح لنفسه إن كان هو وليّ المرأة؛ كأنّ كان ابن عمها أو السلطان أو الحاكم، وممّن ذهب لجواز ذلك من العلماء؛ أبو حنيفة، وابن سيرين، ومالك، وسفيان الثوريّ، شريطةً أن تأذن المرأة وتبدي موافقتها على الزواج منه، واستدلّوا على ذلك بما قاله عبد الرحمن بن عوفٍ -رضي الله عنه- لأمّ حكيم ابنة قارظ: "أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم، قال: قد تزوجتك".[٤]
- القول الثاني: عدم جواز عقد الرجل النكاح لنفسه إن كان هو وليّ المرأة أو وكيلًا عنها؛ وذلك لأنّه من غير المقبول عند أصحاب هذا القول أن يتولّى الرجل بنفسه طرفي العقد لوحده، بل يجب توكيل رجل يزوّجه إياه شريطة إذن الزوجة، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي، وقال في زواج ابن عمّ المرأة إن كان هو وليها ألّا يعقد نكاحهما إلا الحاكم؛ بحيث لا يتولى طرفي العقد في النكاح رجلٌ واحدٌ.
عقد النكاح بدون شهود
كما أنّ الولاية واجبةٌ في عقد النكاح؛ فإنّ الشهود كذلك، فحضور الشاهدين شرطٌ من شروط عقد النكاح، وهذا ما اتّفق عليه أهل العلم في المذاهب الأربعة، لكنّهم اختلفوا في تحديد موعد الإشهاد على النكاح؛ فقال الجمهور إنّ حضور الشاهدين يكون عند كتابة عقد النكاح، بخلاف ما ذهب إليه المالكيّة الذين قالوا بصحّة العقد ابتداءً دون شهودٍ، إلّا أنّهم يمنعون الدخول ولا يجيزونه إلّا بعد شهادة شهودٍ على الزواج؛ فإن تمّ الدخول قبل حضور الشاهدين، أو حضروا بعده؛ فالواجب هنا فسخ العقد، وكتابة العقد بشكلٍ صحيحٍ ضمن شهادة الشهود من جديد.[٥]
المراجع
- ↑ "للرجل أن يتولى عقد نكاحه بنفسه أو يوكل غيره"، إسلام ويب، 03/09/2009، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع ، عن عمران بن الحصين وعائشة ، الصفحة أو الرقم:7557، صحيح .
- ^ أ ب "حكم تولي الخاطب عقد النكاح لنفسه"، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في إرواء الغليل، عن سعيد بن خالد وقارظ بن شيبة، الصفحة أو الرقم:1854.
- ↑ "حكم عقد النكاح بدون شهود "، إسلام ويب. بتصرّف.