شرّع الله الزواج عقدَ ترابطٍ بين الزَّوجين، مبنيٌّ على الودِّ والديمومة والاستقرار، فكانت بداية هذا التَّرابط القويم مبنيةٌ على إيجاب وقبول، إذ إنّ الرجل يبحثُ عن امرأة يرتضيها له دينًا وخلقًا، وكذلك المرأة تُجيب بالقبول على من تقدّم لها متخلقًا بالعفّة ملتزمًا بأخلاق الإسلام، ولعلّ ما يُميّز ديننا أنه كان شاملًا في سنِّ الشرائع التي يتعاملُ بها الناسُ بعضهم بين بعض، فكما شرَّع ميثاق الزّواج، أحلَّ فيه فكّ هذا الرّبط بالودِّ والمعروف، محافظًا على حقوق كلِّ أطراف هذا العقد، فكانت للطَّلاق غايةٌ تحول دون وقوع الضرر بين النَّاس، وتفشي الخلافات بين الزّوجين أو بين عائلاتهم، كما أنه يمنع ما قد يضرّ الزَّوج أو الزوجة أو الأبناء، إذا ما استمرّت هذه العلاقة.


تعريف الطلاق

هو اللَّفظ المخصوص الذي يقوله الرَّجل لحلِّ رابطة الزَّواج الصحيحة شرعًا.


مشروعية الطلاق

شرع الإسلام الطلاق بشروط وضوابط محكمة، بعكس ما يشيع في ظنون البعض بأنه شعيرةٌ من شعائر الإسلام، أو أنه أمرٌ محمود، فهو على عكس ذلك تمامًا، وفيما يليل عرض للحالات التي يختلف فيها حكم الطلاق:

• يكون الطلاق مباحًا إن كان به رفع ضرر عن أحد الزوجين، قال تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". [١]

• يكون الطلاق واجبًا إذا كان رفع الضرر المترتب لا يزول إلا به.

• يكون الطلاق محرمًا، إذا كان به ضرر لأحد الزوجين، ولا يحقق فعله منفعة لأحد الزوجين، ففي حديث الرّسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: "أيُّما امرأةٍ سَأَلَتْ زَوجَها الطَّلاقَ في غيرِ ما بَأسٍ، فحَرامٌ عليها رائحةُ الجنَّةِ". [٢]

• يكون الطلاق مندوبًا، إذا ما فرَّطت المرأة في حقوق الله الواجبة عليها.


أسباب الطلاق

للطلاق أسباب عديدة، واشتهر منها من الذين تعاملوا مع حالات الطلاق العديد من الأمور التي قد يتسبب بها الزوج في بعض الأحيان أو الزوجة في أحيان أخر: [٣]


أسباب متعلقة بالزوج

  1. قد يحدث الطلاق لأنَّ الزوج لم يختر زوجته، بل فوَّض أهله في الاختيار، وهذا التصرف غير صحيح أبدًا؛ لأن المعني بالزواج يكون الزوج نفسه، وليس أهله، فدور الأهل في مرحلة الاختيار هو المشورة والمساعدة فقط.
  2. تعود أسباب الطلاق في بعض الأحيان إلى ضعف شخصية الزوج، فبعض الرِّجال يغلفون عقولهم إلا عن رأي الزوجة، فيُسخَّر الزوج نفسه لما تهواه الزوجة وكيفما أرادت، وهذا يسبب مشكلات مع أهله، أو يكون ضعيفًا أمام أفراد أسرته الذين يفرضون عليه أَذيّة زوجته ومنعها من حقوقها، وما إلى ذلك من تصرفات تصبُّ في خلق مشكلات كبيرة بين الزوجين؛ لينتهي حالهم إلى الطلاق.
  3. في أحيان كثيرة، قد يحدث الطلاق بسبب عدم قدرة الزوج على الإنفاق، أو تقصيره في احتياجات الزوجة والمنزل، أو استناد الرجل في نفقات بيته على والده، وهذا تصرّف ينقص حق المرأة على زوجها؛ بأن يكون مصدر سَندٍ لبيته في توفير احتياجاته، فالنفقة هي التي تجعل الرّجل قوّاماَ على زوجته، قال تعالى: "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا". [٤]


أسباب متعلقة بالزوجة

  1. أن تكون الزوجة غير قائمة بعملها في البيت، وهذا ما يجعل موازين العمل التّشاركي مختلّة؛ والتي تسبب مشكلات كثيرة تقود الأزواج إلى الطلاق.
  2. أن تكون الزوجة غير مدبّرة، ولا تستطيع أن توازن في حق زوجها، وتدبير بيتها، ورعاية الأطفال، فتنشغل وتخل في مسؤولياتها.
  3. أن تكون الزوجة كثيرة الخروج من البيت بحاجة أو دون حاجة، وبالتالي يؤثر ذلك في المسؤوليات المترتبة عليها، ويكون هذا سببًا من أسباب الطلاق، خصوصًا في الحالاتٍ تخرجُ فيها الزوجة دون علم زوجها أو إذن منه.[٥]


نصائح لتجنب الطلاق

إذا كان الطلاق خيارًا حتميًّا لا مفرّ منه لعلاج المشكلة المفروضة، فلا بد أن تسبقه أمور عدّة حتى لا يلجأ الناس له: [٦]

  • أن يختار الزَّوج زوجته على أن يكون أساسه في الاختيار هو التوافق والأخلاق.
  • أن يتعرف كل من الفتاة والشاب على بعضهما خلال فترة الخطبة قبل عقد القران.
  • أن تختار المرأة صاحب الدين والخلق.
  • ألا تجبر المرأة على الزواج بمن لا ترغب.
  • أن تكون المعاشرة بالحسنى من الطرفين.


آثار الطلاق

صحيح أن الطلاق يكون الحل الوحيد في الكثير من الحالات، إلا أن للطلاق مفاسد كثيرة، ومنها ما يأتي: [٧]

  • يتشتّت شمل الأسرة ويتفرق الأطفال.
  • تؤثر الخلافات الزوجية على مشاعر الأطفال، ولهذا ضررٌ كبيرٌ عليهم وعلى المجتمع المحيط.
  • تسود أجواء الصراعات والمشاحنات بين الأسر وذوي القربى.
  • قد ينحرف الأطفال نتيجة هروبهم من ضغوط الطلاق إلى الانحرافات الأخلاقية.


المراجع

  1. سورة البقرة ، آية:229
  2. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن ثوبان مولى رسول الله ، الصفحة أو الرقم:1685.
  3. حسين علي محفوظ (20/3/2021)، "الطلاق وأسبابه "، طريق الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 5/8/2021. بتصرّف.
  4. سورة البقرة ، آية:233
  5. سورة الأحزاب ، آية:33
  6. أكرم كساب (4/1/2002)، "لماذا شرع الطلاق "، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/8/2021. بتصرّف.
  7. صالح العصيمي (27/10/2018)، "الطلاق أسبابه وآثاره "، الألوكة الشرعية ، اطّلع عليه بتاريخ 5/8/2021. بتصرّف.